لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٨٤
و يقال : أعطى رسول اللّه (ص) عندها خواتيم البقرة، وغفر لمن مات من أمّته لا يشرك باللّه شيئا.
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : آية ١٧]
ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى (١٧)
ما مال - صلوات اللّه عليه وسلامه - ببصره عمّا أبيح له من النظر إلى الآيات، والاعتبار بدلائلها.
فما جاوز حدّه، بل راعى شروط الأدب في الحضرة «١».
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : آية ١٨]
لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨)
أي «الْآيَةَ» الكبرى، وحذف الآية.. وهي تلك التي رآها في هذه الليلة. ويقال :
هى بقاؤه في حال لقائه ربّه بوصف الصّحو، وحفظه حتى رآه «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١٩ الى ٢٢]
أَ فَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَ الْعُزَّى (١٩) وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢)
هذه أصنام كانت العرب تعبدها فاللات صنم لثقيف، والعزّى شجرة لغطفان، ومناة صخرة لهذيل وخزاعة «٣».
ومعنى الآية : أخبرونا.. هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون اللّه من القدرة أن تفعل بعائذ بها ما فعلنا نحن لمحمد صلى اللّه عليه وسلم من الرّتب والتخصيص؟.
(١) قال أبو يزيد البسطامي : حفظ النبي (ص) طرفه في المسرى، فما زاغ البصر وما طغى، لعلمه بما يؤهل له من المشاهدة، فلم يشاهد في ذلك شيئا، ولم ير طرفه أحدا، ثم لما ردّ إلى محل التأديب نظر إلى الجنة والنار، والأنبياء والملائكة للإخبار عنها، وتأديب الخلق بها فالمقام الأول مقام خصوص والمقام الثاني مقام عموم.
و قال رويم : لما أكرم عليه الصلاة والسلام بأعظم الشرف في المسرى عملت همّته عن الالتفات إلى الآيات والكرامات والجنة والنار فما زاغ البصر وما طغى أي ما أعار طرفه شيئا من الأكوان، ومن شاهد البحر استقلّ الأنهار والأودية.
(٢) سئل الشبلي :«كيف ثبت النبى (ص) فى المعراج للقاء والمخاطبة؟ فقال : إنه هيّىء لأمر فمكّن فيه» ويقارن القشيري في موضع آخر بين موسى عليه السلام إذ خرّ صعقا بمجرد سماع النداء وبين نبيّنا عليه الصلاة والسلام إذ ثبت في محل المشاهدة، ويضيف : إن موسى في حال التلوين، ومحمد في حال التمكين.
(٣) هذه الأصنام كلها مؤنثات.. وكانوا يقولون : إن الملائكة وهذه الأصنام بنات اللّه!