لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٩٤
يعنى أن أهل مكة إذا رأوا آية من الآيات أعرضوا عن النظر فيها، ولو نظروا لحصل لهم العلم واجبا.
«سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ» : أي دائم قويّ شديد.. (و يقال إنهم قالوا : هذا ذاهب لا تبقى مدته) «١» فاستمر : أي ذهب.
«وَكَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» : التكذيب واتباع الهوى قريبان فإذا حصل اتباع الهوى فمن شؤمه يحصل التكذيب لأنّ اللّه يلبّس على قلب صاحبه حتى لا يستبصر «٢» الرشد.
أما اتباع الرضا فمقرون بالتصديق لأنّ اللّه ببركات اتباع الحقّ يفتح عين البصيرة فيحصل التصديق.
وكلّ امرئ جرت له القسمة والتقدير فلا محالة يستقر له حصول ما قسم وقدّر له.
«وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ» : يستقر عمل المؤمن فتوجب له الجنة، ويستقر عمل الكافر فيجازى.
قوله جل ذكره :
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤ الى ٥]
وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥)
جاءهم من أخبار الأنبياء والأمم الذين من قبلهم والأزمنة الماضية ما يجب أن يحصل به الارتداع، ولكنّ الحقّ - سبحانه - أسبل على بصائرهم سجوف الجهل فعموا عن مواضع الرشد.
«حِكْمَةٌ بالِغَةٌ..» : بدل من (ما) فيما سبق :(ما فيه مزدجر).
والحكمة البالغة هي الصحيحة الظاهرة الواضحة لمن تفكّر فيها.
«فَما تُغْنِ النُّذُرُ» : وأي شىء يغنى إنذار النذير وقد سبق التقدير لهم بالشقاء؟

_
(١) ما بين القوسين موجود في م وغير موجود في ص.
(٢) هكذا في ص. وهي في م (لا يستبشر)، والأصوب ما أثبتنا.


الصفحة التالية
Icon