لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٩٧
و كان نوح - عليه السلام - أطول الأنبياء عمرا، وأشدّهم للبلاء مقاساة ثم إن اللّه - سبحانه - لما نجّى نوحا متّعه بعد هلاك قومه ومتع أولاده، فكلّ من على وجه الأرض من أولاد نوح عليه السلام. وفي هذا قوة لرجاء أهل الدين، إذا لقوا في دين اللّه محنة فإنّ اللّه يهلك - عن قريب - عدوّهم، ويمكّنهم من ديارهم وبلادهم، ويورثهم ما كان إليهم.
وكذلك كانت قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقومه، وسنة اللّه في جميع أهل الضلال أن يعزّ أولياءه بعد أن يزهق أعداءه.
قوله جل ذكره :
[سورة القمر (٥٤) : آية ١٧]
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)
يسّرنا قراءته على ألسنة الناس، ويسّرنا علمه على قلوب قوم، ويسّرنا فهمه على قلوب قوم، ويسّرنا حفظه على قلوب قوم، وكلّهم أهل القرآن، وكلّهم أهل اللّه وخاصته.
ويقال : كاشف الأرواح من قوم - بالقرآن - قبل إدخالها في الأجساد.
«فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» لهذا العهد الذي جرى لنا معه.
قوله جل ذكره :
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ١٨ الى ٢٠]
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠)
كذّبوا هودا، فأرسلنا عليهم «رِيحاً صَرْصَراً» أي : باردة شديدة الهبوب، يسمع لها صوت.
«فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ» أي : فى يوم شؤم استمرّ فيه العذاب بهم، ودام ذلك فيهم ثمانية أيام وسبع ليال. وقيل : دائم الشؤم تنزع رياحه الناس عن حفرهم التي حفروها م (٣٢) لطائف الإشارات - ج ٣ -


الصفحة التالية
Icon