لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٠٧
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٧ الى ١٨]
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨)
«الْمَشْرِقَيْنِ» : مشرق الصيف ومشرق الشتاء وكذلك مغربيهما.
ووجه النعمة في ذلك جريانهما على ترتيب واحد حتى يكمل انتفاع الخلق بهما.
ويقال : مشرق القلب ومغربه، وشوارق القلب وغواربه إنما هي الأنوار والبصائر التي جرى ذكر بعضها فيما مضى.
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠)
«بَرْزَخٌ» أي حاجز بقدرته لئلا يغلب أحدهما الآخر، أراد به البحر العذب والبحر الملح. ويقال : لا يبغيان على الناس ولا يغرقانهم.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٢٢]
يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (٢٢)
اللؤلؤ : كبار الدرّ، والمرجان : صغار الدّرّ. ويقال : المرجان النّسل.
وفي الإشارة : خلق في القلوب بحرين : بحر الخوف وبحر الرجاء. ويقال القبض والبسط وقيل الهيبة «١» والأنس. يخرج منها اللؤلؤ والجواهر وهي الأحوال الصافية واللطائف المتوالية.
ويقال : البحران. إشارة إلى النفس والقلب، فالقلب هو البحر العذب والنفس هي البحر الملح. فمن بحر القلب كلّ جوهر ثمين، وكلّ حالة لطيفة.. ومن النفس كل خلق ذميم «٢». والدرّ من أحد البحرين يخرج، ومن الثاني لا يكون إلا التمساح مما لا قدر له من سواكن القلب. «بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ» : يصون الحقّ هذا عن هذا، فلا يبغى هذا على هذا.
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٢٤]
وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤)
«الجوارى» : واحدها جارية، وهي السفينة.
(١) هكذا في م وهي الصواب أمّا في ص فهى (الهيبط) وهي خطأ في النسخ.
(٢) النفس عند الصوفية محلّ المملولات والقلب محل المحمودات.