لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٢٥
قوله جل ذكره :
[سورة الواقعة (٥٦) : آية ٧٤]
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)
أي : اسبح بفكرك في بحار عقلك، وغص بقوة التوحيد فيها تظفر بجواهر العلم، وإيّاك أن تقصّر في الغوص لسبب أو لآخر، وإياك أن تتداخلك الشّبه فيتلف رأس مالك ويخرج من يدك وهو دينك واعتقادك... وإلّا غرقت في بحار الشّبه، وضللت.
وهذه الآيات «١» التي عدّها اللّه - سبحانه - تمهّد لسلوك طريق الاستدلال، فكما فى الخبر «فكر ساعة خير من عبادة سنة» - وقد نبّه اللّه سبحانه بهذا إلى ضرورة التفكير.
قوله جل ذكره :
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٧٥ الى ٨٠]
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠)
قيل : هى مواقع نجوم السماء. ويقال : مواقع نجوم القرآن على قلب الرسول صلى اللّه عليه وسلم.
«إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ» : والكرم نفى الدناءة - أي : أنه غير مخلوق «٢» ويقال : هو «قرآن كريم» : لأنه يدل على مكارم الأخلاق.
ويقال هو قرآن كريم لأنه من عند ربّ كريم على رسول كريم، على لسان ملك كريم. «فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ» : يقال : فى اللوح المحفوظ. ويقال : فى المصاحف. وهو محفوظ عن التبديل. «لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» عن الأدناس والعيوب والمعاصي.

_
(١) إذا تدبرنا هذه الآيات ألفينا القرآن يخاطب العقل الإنسانى بالتدبر في ثلاثة أشياء : الغذاء والماء والنار، وبدون الثلاثة لا تقوم الحياة ولا تنتظم.
(٢) هذه إحدى الأفكار الخطيرة التي اشتجر حولها الخلاف بين الأشاعرة الذين يقولون :(القرآن غير مخلوق) وبين المعتزلة الذي يقولون : إنه مخلوق.


الصفحة التالية
Icon