لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٣١
و يقال : يسبح للّه ما في السماوات والأرض، كلّ واقف على الباب بشاهد الطّلب...
ولكنه - سبحانه عزيز «١».
و يقال : ما تقلّب أحد من جاحد أو ساجد إلا في قبضة العزيز الواحد، فما يصرّفهم إلا من خلقهم فمن مطيع ألبسه نطاق وفاقه - وذلك فضله، ومن عاص ربطه بمثقلة الخذلان - وذلك عدله.
«وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» : العزيز : المعزّ لمن طلب الوصول، بل العزيز :

المتقدّس عن كل وصول فما وصل من وصل إلا حظّه ونصيبه وصفته على ما يليق به.
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢]
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢)
الملك مبالغة من الملك، وهو القدرة على الإبداع، ولا مالك إلا اللّه. وإذا قيل لغيره :
مالك فعلى سبيل المجاز فالأحكام المتعلقة في الشريعة على ملك الناس صحيحة في الشرع، ولكنّ لفظ الملك فيها توسّع كما أن لفظ التيمم في استعمال التراب - عند عدم الماء - فى السفر مجاز، فالمسائل الشرعية في التيمم صحيحة، ولكن لفظ التيمم في ذلك مجاز.
«يُحْيِي وَ يُمِيتُ» : يحيى النفوس ويميتها. ويحيى القلوب بإقباله عليها، ويميتها بإعراضه عنها.
ويقال : يحييها بنظره وتفضّله، ويميتها بقهره وتعزّزه.
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٣]
هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣)
«الْأَوَّلُ» : لاستحقاقه صفة القدم، و«الْآخِرُ» لاستحالة نعت العدم.
و«الظَّاهِرُ» بالعلو والرفعة، و«الْباطِنُ» : بالعلم والحكمة.
ويقال :«الْأَوَّلُ» فلا افتتاح لوجوده و«الْآخِرُ» فلا انقطاع لثبوته.
«الظَّاهِرُ» فلا خفاء في جلال عزّه، «الْباطِنُ» فلا سبيل إلى إدراك حقّه.
ويقال «الْأَوَّلُ» بلا ابتداء، و«الْآخِرُ» بلا انتهاء، و«الظَّاهِرُ» بلا خفاء، و«الْباطِنُ» بنعت العلاء وعزّ الكبرياء.
_
(١) أي حلّت الصمدية أن يستشرف من ذاتيتها أحد.. فكل واقف بالباب على البساط.


الصفحة التالية
Icon