لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٣٥
أي شىء لكم في ترككم الإيمان باللّه وبرسوله، وما أتاكم به من الحشر والنشر، وقد أزاح العلّة بأن ألاح لكم الحجّة، وقد أخذ ميثاقكم وقت الذّرّ، وأوجب عليكم ذلك بحكم الشّرع.
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٩]
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩)
ليخرجكم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمات الشكّ إلى نور اليقين.
وكذلك يريهم في أنفسهم من الآيات بكشوفات السّرّ وما يحصل به التعريف مما يجدون فيه النفع والخير فيخرجهم من ظلمات التدبير «١» إلى سعة فضاء التفويض، وملاحظة فنون جريان المقادير.
وكذلك إذا أرادت النّفس الجنوح إلى الرّخص والأخذ بالتخفيف «٢» وما تكون عليه المطالبة بالأشقّ - فإن بادر إلى ما تدعوه الحقيقة إليه وجد في قلبه من النور ما يعلم به ظلمة هواجس النّفس «٣».
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ١٠]
وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ كُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠)
ما في أيديكم ميراثه للّه، وعن قريب سينقل إلى غيركم ولا تبقون بتطاول أحمالكم. وهو بهذا يحثهم على الصدقة والبدار إلى الطاعة وترك الإخلاد إلى الأمل.. ثم قال :
«لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً
(١) أي ظلمات التدبير الإنسانى، والتعويل على النفس، فاعتماد الإنسان على تدبيره مجلبة لشقائه.. وأنيّ للطين أن يكون ذا تدبير؟!
٢) هكذا في م وهي الصواب أما (التحقيق) التي في ص فهى خطأ في النسخ لأن الأسير خاص جنوح إلى (التخفيف) كما نعلم
(٣) يتفق هذا مع قول الرسول الكريم «استفت قلبك ولو أفتاك المفتون».