لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٦٣
يريد بهم منافقى المدينة ظاهروا بنى النضير وقريظة، وعاهدوهم على الموافقة بكلّ وجه، فأخبر اللّه - سبحانه - أنهم ليسوا كما قالوا وعاهدوا عليه، وأخبر أنّهم لا يتناصرون، وأنّهم يتخاذلون، ولئن ساعدوهم في بعض الحروب فإنهم يتخاذلون إن رأوهم ينهزمون أمام من يجاهدونهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٣]
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣)
أخبر - سبحانه - أن المسلمين أشدّ رهبة في صدورهم من اللّه «١»، وذلك لقلّة يقينهم، وإعراض قلوبهم عن اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٤]
لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤)
أخبر أنهم لا يجسرون على مقاتلة المسلمين إلّا مخاتلة، أو من وراء جدران.
وإنما يشتدّ بأسهم فيما بينهم، أي إذا حارب بعضهم بعضا، فأمّا معكم... فلا.
«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ».
اجتماع النفوس - مع تنافر القلوب واختلافها - أصل كلّ فساد، وموجب كلّ تخاذل، ومقتضى تجاسر العدوّ.

_
(١) والمعنى أنهم بنفاقهم يقولون : نحن نخاف اللّه، ولكنهم في الحقيقة يخافون منكم خوفا أشدّ من خوفهم من اللّه، وذلك لقلة يقينهم... إلخ.


الصفحة التالية
Icon