لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٩
و قيل «خائِفاً» من اللّه مما جرى منه. ويقال «خائِفاً» على قومه حلول العذاب بهم.
وقيل «يَتَرَقَّبُ» نصرة اللّه إياه. ويقال «يَتَرَقَّبُ» مؤنسا يأنس به.
فإذا الذي استنصره بالأمس يخاصم إنسانا آخر، ويستعين به ليعينه، فهمّ موسى بأن يعين صاحبه، فقال الذي يخاصمه :«يا مُوسى، أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ؟» :
قيل لم يعلم ذلك الرجل أن موسى هو الذي قتل الرجل بالأمس، ولكن لمّا قصد منعه عن صاحبه استدلّ على أن موسى هو الذي قتل الرجل بالأمس، فلما ذكر ذلك شاع في أفواه الناس أنّ موسى هو الذي قتل القبطيّ بالأمس، فأمسك موسى عن هذا الرجل.
قوله جل ذكره :
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١)
جاء اسرائيليّ من معارف موسى يسعى، وقال إن القوم يريدون قتلك، وأنا واقف على تدبيرهم وقد أرادوا إعلام فرعون.. فاخرج من هذا البلد، إنى لك من الناصحين.
«فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» خرج «١» من مصر «خائِفاً» أن يقتفوا أثره، «يَتَرَقَّبُ» أن يدركه الطلب، وقيل «يَتَرَقَّبُ» الكفاية والنصرة من اللّه، ودعا اللّه فقال :«نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».
قوله جل ذكره :
[سورة القصص (٢٨) : آية ٢٢]
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢)
.
(١) ربما يذكرنا موقف موسى بقضية هامة في الطريق الصوفي هى «السفر» : وضرورته أو عدمها، وقد اختلف المشايخ في أمره (الرسالة ص ١٤٣)، ويرى القشيري ضرورة السفر. إن نبا المكان واشتد البلاء.
(الرسالة ص ٢٠٢) وهو نفسه غادر بلاده عند إطباق المحنة عليه.