لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٩٣
كانوا. ومنكم مؤمن في سابق حكمه سمّاه مؤمنا، وعلم في آزاله أنه يؤمن وخلقه مؤمنا، وأراده مؤمنا... واللّه بما تعملون بصير.
قوله جل ذكره :
[سورة التغابن (٦٤) : آية ٣]
خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣)
«خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ» : أي وهو محقّ في خلقه.
«وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ» لم يقل لشىء من المخلوقات هذا الذي قال لنا، صوّر الظاهر وصوّر الباطن فالظاهر شاهد على كمال قدرته، والباطن شاهد على جلال قربته «١».
قوله جل ذكره :
[سورة التغابن (٦٤) : آية ٤]
يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَ ما تُعْلِنُونَ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤)
قصّروا حيلكم عن مطلوبكم، فهو تتقاصر عنه علومكم، وأنا أعلم ذلك دونكم...
فاطلبوا منّى، فأنا بذلك أعلم، وعليه أقدر.
ويقال :«وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ». فاحذروا دقيق الرياء، وخفيّ ذات الصدور «وَما تُعْلِنُونَ» :
فاحذروا أن يخالف ظاهركم باطنكم.
فى قوله «ما تُسِرُّونَ» أمر بالمراقبة بين العبد وربه.
وفي قوله «ما تُعْلِنُونَ» أمر بالصدق في المعاملة والمحاسبة مع الخلق «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة التغابن (٦٤) : الآيات ٥ الى ٦]
أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَ تَوَلَّوْا وَ اسْتَغْنَى اللَّهُ وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)

_
(١) القربة هنا إشارة إلى تميز الإنسان من بين المخلوقات بقيام المحبة بمعناها الخاص بينه وبين الحق سبحانه، وقد سبق بيان ذلك في مواضع مختلفة. [.....]
٢) مرة أخرى ننبه إلى ضرورة فهم الفرق بين اصطلاحى : المراقبة والمحاسبة - حسب المنهج القشيري.


الصفحة التالية
Icon