لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦
و يقال الطاء طرب أرباب الوصلة على بساط القرب بوجدان كمال الروح، والسين سرور العارفين بما كوشفوا به من بقاء الأحدية باستقلالهم بوجوده «١» والميم إشارة إلى موافقتهم للّه بترك التخيّر على اللّه، وحسن الرضا باختيار الحق لهم.
ويقال الطاء إشارة إلى طيب قلوب الفقراء عند فقد الأسباب لكمال العيش بمعرفة وجود الرزّاق بدل طيب قلوب العوام بوجود الأرفاق والأرزاق.
ويقال الطاء إشارة إلى طهارة أسرار أهل التوحيد، والسين إشارة إلى سلامة قلوبهم عن مساكنة كلّ مخلوق، والميم إشارة إلى منّة الحقّ عليهم بذلك.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٣]
لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)
أي لحرصك على إيمانهم ولإشفاقك من امتناعهم عن الإيمان فأنت قريب من أن تقتل نفسك من الأسف على تركهم الإيمان.
فلا عليك - يا محمد - فإنه لا تبديل لحكمنا فمن حكمنا له بالشقاوة لا يؤمن.
ليس عليك إلا البلاغ فإن آمنوا فبها، وإلّا فكلّهم «٢» سيرون يوم الدّين ما يستحقون.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٤]
إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤)
أخبر عن قدرته على تحصيل مراده من عباده، فهو قادر على أن يؤمنوا كرها لأن التقاصر عن تحصيل المراد يوجب النقص والقصور في الألوهية.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٥ الى ٦]
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦)
.
كان ينادى من يمينه ومن يساره، ثم قال له جبريل عليه السّلام : الذي ناداك من يمينك داعى اليهودية، والذي ناداك من يسارك داعى النصرانية، ولو التفتّ يا محمد لتهودت أو تنصرت أمتك».
(١) استقل الشيء رآه قليلا واستقل بالشيء لم يشتغل بسواه اكتفاء به.
(٢) السياق مقبول على هذا النحو، ولكننا لا نستبعد أن يكون هناك سقوط لكلمة «لنا»، وعندئذ يكون السياق «فكلهم لنا....» :