لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٠٨
قوله جل ذكره :
[سورة التحريم (٦٦) : آية ٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَ اغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨)
التوبة النصوح : هى التي لا يعقبها نقض.
ويقال : هى التي لا تراها من نفسك، ولا ترى نجاتك بها، وإنما تراها بربّك.
ويقال : هى أن تجد المرارة في قلبك عند ذكر الزّلّة كما كنت تجد الراحة لنفسك عند فعلها.
قوله جل ذكره :«يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَ اغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
لا يخزى اللّه النبيّ بترك شفاعته، والذين آمنوا معه بافتضاحهم بعد ما قبل فيهم شفاعته.
«نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ» عبّر بذلك عن أنّ الإيمان من جميع جهاتهم.
ويقال : بأيمانهم كتاب نجاتهم : أراد نور توحيدهم ونور معرفتهم ونور إيمانهم، وما يخصّهم اللّه به من الأنوار في ذلك اليوم.
«يَقُولُونَ : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا» : يستديمون التضرّع والابتهال في السؤال «١».
قوله جل ذكره :
[سورة التحريم (٦٦) : آية ٩]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)
أمره بالملاينة في وقت الدعوة، وقال :«وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» «٢» ثم لمّا أصرّوا - بعد بيان الحجّة - قال :«وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ» : لأن هذا في حال إصرارهم، وزوال أعذارهم.

_
(١) هذه الإشارة موجهة إلى الصوفية من بعيد كى لا يكفوا عن التضرع والابتهال قط فإن خير العمل أدومه فالاستدامة شرط أساسى لأن الطريق الصوفي طويل وشاق.
(٢) آية ١٢٥ سورة النحل.


الصفحة التالية
Icon