لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٢٥
من هذه الطائفة إذا أشاعوا سرّا، أو أضاعوا أدبا يعاقبهم برياح الحجبة «١»، فلا يبقى في قلوبهم أثر من الاحتشام للدّين، ولا ممّا كان لهم من الأوقات، ويصيرون على خطر في أحوالهم بأن يمتحنوا (بالاعتراض على التقدير) «٢» والقسمة.
و أمّا فرعون وقومه فكان عذابهم بالغرق.. كذلك من كان له وقت فارغ وهو بطاعة ربّه مشتغل، والحقّ عليه مقبل - فإذا لم يشكر النعمة، وأساء أدبه، ولم يعرف قدر ما أنعم اللّه به عليه ردّه الحقّ إلى أسباب التفرقة، ثم أغرقه في بحار الاشتغال فيتكدر مشربه، ويصير على خطر بأن يدركه سخط الحقّ وغضبه.
قوله جل ذكره :
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١١ الى ١٣]
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣)
و كذلك تكون منّته على خواصّ أوليائه حين يسلمهم في سفينة العافية، والكون يتلاطم فى أمواج بحار الاشتغال على اختلاف أوصافها، فيكونون بوصف السلامة، لا منازعة ولا محاسبة لهم مع أحد، ولا توقع شىء من أحد سالمون من الناس، والناس منهم سالمون.
قوله جل ذكره :«فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ....»
بدأ في وصف القيامة والحساب..
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١٨ الى ٢١]
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١)
و في كلّ نفس مع هؤلاء القوم «٣» محاسبة ومطالبة، منهم من يستحق المعاتبة، ومنهم من يستحق المعاقبة.

_
(١) فى الإشارة قياس على الرياح التي أهلكت عادا.
(٢) موجود في ص أما في م فهى (الإعراض) فقط.
(٣) يقصد أهل المجاهدات والمذاقات.


الصفحة التالية
Icon