لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٢٦
قوله جل ذكره :«فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» يسلم له السرور بنعمة اللّه، ويأخذ في الحمد والمدح.
«فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ» القوم - غدا - فى عيشة راضية أي مرضيّة لهم، وهؤلاء القوم - اليوم - فى عيشة راضية، والفرق بينهما أنهم - غدا - فى عيشة راضية لأنه قد قضيت أوطارهم، وارتفعت مآربهم، وحصلت حاجاتهم، وهم - اليوم - فى عيشة راضية إذ كفّوا مآربهم فدفع عن قلوبهم حوائجهم فليس لهم إرادة شى ء، ولا تمسّهم حاجة. وإنما هم في روح الرضا..
فعيش أولئك في العطاء، وعيش هؤلاء في الرضاء لأنه إذا بدا علم من الحقيقة أو معنى من معانيها فلا يكون ثمة حاجة ولا سؤال. ويقال لأولئك غدا.
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٢٤ الى ٢٧]
كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤) وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧)
و يقال لهؤلاء : اسمعوا واشهدوا... اسمعوا منّا.. وانظروا إلينا، واستأنسوا بقربنا، وطالعوا جمالنا وجلالنا.. فأنتم بنا ولنا.
قوله جل ذكره :«وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ : يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ» هناك - اليوم - أقوام مهجورون تتصاعد حسراتهم، ويتضاعف أنينهم - ليلهم ونهارهم - فليلهم ويل ونهارهم بعاد تكدّرت مشاربهم، وخربت أوطان أنسهم، ولا بكاؤهم يرحم، ولا أنينهم يسمع.. فعندهم أنهم مبعدون... وهم في الحقيقة من اللّه مرحومون، أسبل عليهم الستر فصغّرهم في أعينهم - وهم أكرم أهل القصة! كما قالوا :