لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٤٣
و يقال :«ثقيلا بعبئه - إلّا على من أيّد بقوة سماوية، وربّى في حجر التقريب» قوله جل ذكره :
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ٦ الى ٩]
إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧) وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩)
أي : ساعات الليل، فكلّ ساعة تحدث فهى ناشئة «١»، وهي أشد وطئا أي : موطّأة أي : هى أشدّ موافقة للسان والقلب، وأشدّ نشاطا.
ويحتمل : هى أشدّ وأغلظ على الإنسان من القيام بالنهار.
«وَأَقْوَمُ قِيلًا» أي : أبين قولا.
ويقال : هى أشدّ مواطأة للقلب وأقوم قيلا لأنها أبعد من الرياء، ويكون فيها حضور القلب وسكون السّرّ أبلغ وأتمّ.
قوله جل ذكره :«إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا» أي : سبحا في أعمالك، والسبح : الذهاب والسرعة، ومنه السباحة في الماء.
فالمعنى : مذاهبك في النهار فيما يشغلك كثيرة - والليل أخلى لك.
قوله جل ذكره :«وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا» أي : انقطع إليه انقطاعا تاما.
«رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا» الوكيل من توكل إليه الأمور أي : توكّل عليه وكل أمورك إليه، وثق به.
ويقال : إنك إذا اتخذت من المخلوقين وكيلا اختزلوا مالك وطالبوك بالأجرة، وإذا اتخذتني وكيلا أوفّر عليك مالك وأعطيك الأجر.
(١) قال ابن مسعود : الحبشة يقولون : نشأ أي قام.
فكأن ناشئة الليل مصدر بمعنى قيام الليل... مثل خاطئة وكاذبة... فإذا افترضنا أنها كلمة شائعة الاستعمال عند الحبشة بهذا المعنى فإنها ذات أصل عربى أيضا.