لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٥٧
قوله جل ذكره :
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٢٠ الى ٢٣]
كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)
أي : إنما يحملهم على التكذيب للقيامة والنشر أنهم يحبون العاجلة في الدنيا، أي : يحبون البقاء في الدنيا.
«وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ» : أي : تتركون العمل للآخرة. ويقال : تكفرون بها.
قوله جل ذكره :«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» «ناضِرَةٌ» : أي مشرقة حسنة، وهي مشرقة لأنها إِلى رَبِّها «ناظِرَةٌ» أي رائية للّه.
و النظر المقرون ب «إِلى » مضافا إلى الوجه «١» لا يكون إلّا الرؤية، فاللّه تعالى يخلق الرؤية فى وجوههم في الجنة على قلب العادة، فالوجوه ناظرة إلى اللّه تعالى.
ويقال : العين من جملة الوجه (فاسم الوجه) «٢» يتناوله.
ويقال : الوجه لا ينظر ولكنّ العين في الوجه هي التي تنظر كما أنّ النهر لا يجرى ولكنّ الماء في النهر هو الذي يجرى، قال تعالى :«جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ».
ويقال : فى قوله :«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ» دليل على أنهم بصفة الصحو، ولا تتداخلهم حيرة ولا دهش فالنضرة من أمارات البسط لأن البقاء في حال اللقاء أتمّ من اللقاء.
والرؤية عند أهل التحقيق تقتضى بقاء الرائي، وعندهم استهلاك العبد في وجود الحقّ أتمّ فالذين أشاروا إلى الوجود رأوا الوجود أعلى من الرؤية.
قوله جل ذكره :
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٢٤ الى ٣٠]
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥) كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَ قِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨)
وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)
(١) (مضافا إلى) معناها (منسوبا إلى).
(٢) ما بين القوسين وارد في ص ولم يرد في م وهو هام في توضيح السياق.