لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٦١
«مِنْ نُطْفَةٍ» : أي من قطرة ماء، «أَمْشاجٍ» : أخلاط من بين الرجل والمرأة.
ويقال : طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا عظما، وطورا لحما.
«نَبْتَلِيهِ» : نمتحنه ونختبره. وقد مضى معناه. «فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً».
«إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً» أي : عرّفناه الطريق أي طريق الخير والشرّ.
وقيل : إمّا للشقاوة، وإمّا للسعادة، إمّا شاكرا من أوليائنا، وإما أن يكون كافرا من أعدائنا فإن شكر فبالتوفيق، وإن كفر فبالخذلان.
قوله جل ذكره :
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ٤ الى ٥]
إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَ أَغْلالاً وَ سَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥)
أي : هيّأنا لهم سلاسل يسحبون فيها، وأغلالا لأعناقهم يهانون بها، «وَسَعِيراً» :
نارا مستعرة.
«إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً» قيل : البرّ : الذي لايضمر الشّرّ، ولا يؤذى الذّرّ.
وقيل : الأبرار : هم الذين سمت همّتهم عن المستحقرات، وظهرت في قلوبهم ينابيع الحكمة فاتّقوا عن مساكنة الدنيا.
يشربون «١» من كأس رائحتها كرائحة الكافور، أو ممزوجة بالكافور.
ويقال : اختلفت مشاربهم في الآخرة فكلّ يسقى ما يليق بحاله... وكذلك في الدنيا مشاربهم مختلفة فمنهم من يسقى مزجا، ومنهم من يسقى صرفا، ومنهم من يسقى على
(١) يتحدث القشيري في هذه السورة عن الشراب على نحو تفصيلى يستحق التأمل، وينبغى أن يضاف إلى حديثه عنه في رسالته عند بحث هذا الموضوع عند هذا الصوفي السنّى الجليل.