لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٨٨
و يقال : فى الخطاب لطف.. وهو أنه لم يواجهه بل قاله على الكناية «١»، ثم بعده قال :
«وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» أي يتذكر بما يتعلم منك أو.
«أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى ».
قوله جل ذكره :
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ٥ الى ٨]
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَ ما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨)
أمّا من استغنى عن نفسه فإنه استغنى عن اللّه.
ويقال : استغنى بماله فأنت له تصدّى، أي تقبل عليه بوجهك.
«وَما عَلَيْكَ..» فأنت لا تؤاحذ بألا يتزكّى هو فإنما عليك البلاغ.
«وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى » لطلب العلم، ويخشى اللّه فأنت عنه تتلهّى، وتتشاغل... وهذا كله من قبيل العتاب معه لأجل الفقراء.
قوله جل ذكره :
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١١ الى ١٢]
كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢)
القرآن تذكرة فمن شاء اللّه أن يذكره ذكره، ومن شاء اللّه ألا يذكره لم يذكّره أي بذلك جرى القضاء، فلا يكون إلا ما شاء اللّه.
ويقال : الكلام على جهة التهديد ومعناه : فمن أراد أن يذكره فليذكره، ومن شاء ألا يذكره فلا يذكره! كقوله «فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ» «٢».
وقال سبحانه :«ذَكَرَهُ» ولم يقل «ذكرها» لأنه أراد به القرآن.
قوله جل ذكره :
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١٣ الى ٢٣]
فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧)
مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢)
كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣)
(١) أي تحدث عن عبوس الوجه بضمير الغائب، ثم جاء العتاب بضمير الخطاب.
(٢) آية ٢٩ سورة الكهف.