لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧١٧
سورة الأعلى
قوله جل ذكره :«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
«بِسْمِ اللَّهِ» : اسم عزيز من قصده وجده، ومن استسعفه حمده. من طلبه عرفه، ومن عرفه لاطفه، فإذا وجد لطفه ألفه، وإذا ألفه أنف أن يخالفه.
قوله جل ذكره :
[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤)
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى (٧) وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩)
أي سبّح ربّك بمعرفة أسمائه، واسبح بسرّك في بحار علائه، واستخرج من جواهر علوّه وسنائه ما ترصّع به عقد مدحه وثنائه.
«الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى» خلق كلّ ذى روح فسوّى أجزاءه، وركّب أعضاءه على ما خصّه به من النظم العجيب والتركيب البديع.
«وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى » أي قدّر ما خلقه، فجعله على مقدار ما أراده، وهدى كلّ حيوان إلى ما فيه رشده من المنافع، فيأخذ ما يصلحه ويترك ما يضره - بحكم الإلهام.
ويقال : هدى قلوب الغافلين إلى طلب الدنيا فعمروها، وهدى قلوب العابدين إلى طلب العقبى فآثروها. وهدى قلوب الزاهدين إلى فناء الدنيا فرفضوها، وهدى قلوب العلماء إلى النظر في آياته والاستدلال بمصنوعاته فعرفوا تلك الآيات ولازموها.
و هدى قلوب المريدين إلى عزّ وصفه فآثروه، واستفرغوا جهدهم فطلبوه) «١»، وهدى
_
(١) ما بين القوسين موجود في ص وغير موجود في م.


الصفحة التالية
Icon