لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٣٠
أي : فى مشقة فهو يقاسى شدائد الدنيا والآخرة.
ويقال : خلقه في بطن أمه (منتصبا رأسه) فإذا أذن اللّه أن يخرج من بطن أمّه تنكّس رأسه عند خروجه، ثم في القماط وشدّ الرّباط... ثم إلى الصّراط هو في الهياط والمياط «١».
قوله جل ذكره :«أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» أي : لقوّته وشجاعته عند نفسه يقول :
«يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً» «لُبَداً» كثيرا، فى عداوة محمد صلى اللّه عليه وسلم. «٢»
«أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ» أ ليس يعلم أنّ اللّه يراه، وأنه مطّلع عليه؟
قوله جل ذكره :«أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ؟» أي : ألم نخلقه سميعا بصيرا متكلّما.
«وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» ألهمناه طريق الخير والشّر.
[سورة البلد (٩٠) : الآيات ١١ الى ٢٠]
فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥)
أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)
أي : فهلّا اقتحم العقبة. «وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ؟ استفهام على التفخيم لشأنها.
ويقال : هى عقبة بين الجنة والنار يجاوزها من فعل ما قاله : وهو فكّ رقبة : أي : إعتاق مملوك، والفكّ الإزالة. وأطعم في يوم ذى مجاعة وقحط وشدّة يتيما ذا قرابة، أو «مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ» : لا شىء له حتى كأنه قد التصق بالتراب من الجوع.
(١) يقال : هم في هياط ومياط أي في شر وجلبة، وقيل : فى دنو وتباعد (الوسيط).
(٢) يقال : نزلت في رجل من بنى جمح كان يقال له : أبو الأشدين، وكان من أشد أعداء النبي (ص).
(قاله الكلبي).