لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٣٦
و آخر في تصحيح تقواه، وآخر في تصفية ذكراه، وآخر في القيام بحسن رضاه، وآخر في طلب مولاه.
ومنكم : من يجمع بين سعى النّفس بالطاعة، وسعى القلب بالإخلاص، وسعى البدن بالقرب، وسعى اللسان بذكر اللّه، والقول الحسن للناس، ودعاء الخلق إلى اللّه والنصيحة لهم.
ومنهم من سعيه في هلاك نفسه وما فيه هلاك دنياه... ومنهم.. ومنهم.
قوله جل ذكره :«فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى » من ماله، «وَاتَّقى » مخالفة ربّه...
ويقال :«أَعْطى » الإنصاف من نفسه، «وَاتَّقى » طلب الإنصاف لنفسه «١»...
ويقال :«اتَّقى » مساخط اللّه. «وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » : بالجنة، أو بالكرّة الآخرة، وبالمغفرة لأهل الكبائر، وبالشفاعة من جهة الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وبالخلف «٢» من قبل اللّه... فسنيسّره لليسرى : أي نسهّل عليه الطاعات، ونكرّه إليه المخالفات، ونشهّى إليه القرب، ونحبّب إليه الإيمان، ونزيّن في قلبه الإحسان.
ويقال : الإقامة على طاعته والعود إلى ما عمله من عبادته.
«وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى » أما من منع الواجب، واستغنى في اعتقاده، وكذّب بالحسنى : أي بما ذكرنا، فسنيسره للعسرى فيقع في المعصية ولم يدبّرها، ونوقف «٣» له أسباب المخالفة.
ويقال «أَعْطى » أعرض عن الدارين، «وَاتَّقى » أن يجعل لهما في نفسه مقدارا. «٤»
(١) من الفتوة أن تتحلّى بالإنصاف وأن تتخلّى عن الانتصاف.. هكذا قال الشيوخ.
(٢) (الخلف) بالمعنى العام : إن اللّه يرث الأرض ومن عليها، وبالمعنى الصوفي :«فالذين يهبهم - فى حال لفناء والحق - فهو عنهم خلف (انظر بسملة الأحقاف من هذا المجلد).
(٣) هكذا في ص وهي في م (و نوفّق) وهي مقبولة أيضا (فالتوفيق) العسرى هو التيسير لها كما في الآية..
بل لعلّها أقرب إلى السياق مما في ص.
(٤) حتى يبتعد عن الأعواض والأغراض، وينقى قلبه للّه وحده.