لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٧٢
و المعنى : أنعم اللّه عليهم بإهلاك عدوّهم ليؤلّفهم رحلتيهم.
وقيل : فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش، كأنه أعظم المنّة عليهم. وأمرهم بالعبادة :
«فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» فليعبدوه لما أنعم به عليهم.
وقيل : فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع بعد ما أصابهم من القحط حينما دعا عليهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم «١».
«وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ».
حين جعل الحرم آمنا، وأجارهم من عدوّهم.
ويقال : أنعم عليهم بأن كفاهم الرحلتين بجلب الناس الميرة إليهم من الشام ومن اليمن.
و وجه المنّة في الإطعام والأمان هو أن يتفرّغوا إلى عبادة اللّه فإنّ من لم يكن مكفىّ الأمور لا يتفرّغ إلى الطاعة، ولا تساعده القوة ولا القلب - إلّا عند السلامة بكلّ وجه وقد قال تعالى.
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ «٢»» فقدّم الخوف على جميع أنواع البلاء.
(١) دعا عليهم الرسول (ص) لمّا كذّبوه وقال :«اللّهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف» فاشتد القحط، فقالوا : يا محمد ادع اللّه لنا فإنّا مؤمنون، فدعا فأخصبت الأرض، وحملوا الطعام إلى سائر البلدان.
(٢) آية ١٥٥ سورة البقرة.