لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٨٦
السورة التي يذكر فيها العنكبوت
قوله جل ذكره :«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
بسم اللّه اسم يوجب حظوة العابدين وعدا، وسماعه يوجب سلوة الواجدين نقدا «١».
اسم من ذكره وصل إلى مثوبته في آجله، ومن سمعه «٢» حظى بقربته في عاجله.
قوله جل ذكره :
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١) أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)
«الألف» إشارة إلى تفرّده عن كل غير بوجه الغنى، وباحتياج كل شىء إليه كالألف تتصل بها كل الحروف ولكنها لا تتصل بحرف.
«و اللام» تشير إلى معنى أنه ما من حرف إلا وفي آخره صورة تعويج ما، واللام أقرب الحروف شبها بالألف - فهى منتصبة القامة مثلها، والفرق بينهما أن الألف لا يتصل بها شىء ولكن اللام تتصل بغيرها - فلا جرم لا يكون في الحروف حرف واحد متكون من حرفين إلا اللام والألف ويسمى لام ألف ويكتب على شكل الاقتناع مثل صورة لام.
أمّا «الميم» فالإشارة فيه إلى الحرف «من» فمن الربّ الخلق، ومن العبد خدمة الحق، ومن الربّ الطّول والفضل...
«أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا..» بمجرد الدعوى في الإيمان دون المطالبة بالبلوى، وهذا لا يكون، فقيمة كلّ أحد ببلواه، فمن زاد قدر معناه زاد قدر بلواه فعلى النفوس بلاء وهو
_
(١) النقد مكافاة في الدنيا وهي المواصلات والمكاشفات، والوعد مكافأة في الآخرة وهي الجنة.
(٢) المقصود بالسماع هنا ما يوجب الهيمان.


الصفحة التالية
Icon