ج ٣، ص : ٤٠
حالهم ذلك وهو محمل النهى عن أكل ذبايح نصارى العرب ومحمل قول على رضى اللّه عنه لا تأكلوا من ذبايح نصارى بنى تغلب فانهم لم يتمسكوا من النصرانية بشئ الا بشربهم الخمر فلعل عليا رضى اللّه عنه علم من حالهم انهم لا يسمون اللّه عند الذبح أو يذبحون على غير اسم الله تعالى فكذا حكم نصارى العجم ان كان عادتهم الذبح على غير اسم اللّه تعالى غالبا لا يؤكل ذبيحتهم ولا شك ان النصارى فى هذا الزمان لا يذبحون بل يقتلون بالوقد غالبا فلا يحل طعامهم وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ فان قيل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم مبعوث إلى كافة الناس بشريعة واحدة فما معنى لاختلاف الحل والحرمة بالنسبة
الى هؤلاء وهؤلاء - قلت معناه ان من الأشياء ما هو حلال على كافة الناس من غير شرط كحل ماء البحر ومنها ما هو مشروط حلها بشرائط كالصلوة مشروط جوازها بالوضوء وسائر العبادات مشروط إتيانها بالايمان باللّه ورسوله واخلاص النية وأكل الأموال مشروط حلها بالملك أو اذن من المالك فذبايح المؤمنين حلال على الكفار حتى لا يعذبون فى الاخرة بأكلها كما لا يعذبون بإتيان امور مباحة للعالمين إتيانها من غير شرط الايمان بخلاف ذبايح المجوس فانها كالميتة يحرم أكلها على سائر الناس فيعذب الكفّار بأكلها كما يعذبون بترك الايمان وترك سائر الواجبات المتوقفة على الايمان وإتيان المنهيات قال اللّه تعالى ما سلككم فى سقر قالوا لم نك من المصلين الآية وفائدة هذا القول التفرقة بين ذبايح المسلمين ونسائهم فان ذبايح المسلمين حلال على كافة الناس من غير اشتراط الايمان بخلاف نسائهم فانه يشترط لحل مناكحتهم الايمان - قال الزجاج معناه حلال لكم ان تطعموهم فيكون خطاب الحل مع المسلمين وعبّر البيضاوي ما قال الزجاج بعبارة أصح واصرح فقال فلا عليكم ان تطعموهم وتبيعوا منهم ولو حرم عليهم لم يجز ذلك والسر فى هذا المقام ما ذكرنا ان حل أكل ذبايح المؤمنين غير مشروط بالايمان بخلاف حل نسائهم واللّه اعلم وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ عطف على الطيبات أو مبتدا خبره محذوف يعنى حل لكم والجملة معطوفة على قوله وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وما بينهما اعتراض قال البغوي اختلفوا فى معنى المحصنات فذهب اكثر العلماء إلى ان المراد منهن الحرائر وأجاز وإنكاح كل حرة مؤمنة كانت أو كتابية فاجرة كانت أو عفيفة وهو قول مجاهد وقال