ج ٣، ص : ٦٦
طريق الحق والمراد به ضلالا بينا لا شبهة فيه ولا عذر معه يدل عليه التعبير عن المستقبل بالماضي وتأكيده بقد بخلاف من كفر قبل ذلك فانه يحتمل ان يكون له شبهة ويتوهم له معذرة.
فَبِما نَقْضِهِمْ ما زائدة أفاد التفخيم مِيثاقَهُمْ حيث كذب النصارى محمدا ﷺ واليهود إياه وعيسى وغيرهما من الأنبياء ونبذوا كتب اللّه وضيعوا فرائضه لَعَنَّاهُمْ قال عطاء بعد ناهم عن رحمتنا وقال الحسن ومقاتل مسخناهم وقيل معناه ضربنا عليهم الجزية وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً غليظة لا تلين بذكر اللّه ولا تنفعل بالآيات والنذر من القسوة بمعنى غلظ القلب وأصله من حجر قاس كذا فى الصحاح وهو المراد بما فسر ابن عباس باليابسة قرأ حمزة والكسائي قسية بتشديد الياء من غير الف قال البغوي هما لغتان كالزاكية والزكية ومعناهما واحد وقال البيضاوي وهى اما مبالغة قاسية أو بمعنى ردية من قولهم درهم قسى إذا كان مغشوشا قلت وهو أيضا من القسوة بمعنى الغلظ فان المغشوش فيه يبس وصلابة وقيل معناه ان قلوبهم ليست بخالصة للايمان بل ايمانهم مشوب بالكفر والنفاق كالدرهم المغشوش يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ يعنى كلمات اللّه التي فى التورية عَنْ مَواضِعِهِ قيل هو تبديل نعت النبي صلى اللّه عليه وسلم وقيل تحريفهم بسوء التأويل والجملة مستأنفة لبيان قسوة قلوبهم فان تحريف كلام اللّه والافتراء عليه مقتضى كمال القسوة وجاز ان يكون حالا من مفعول لعناهم لا عن القلوب إذ لا ضمير وَنَسُوا تركوا حَظًّا نصيبا وافيا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فى التورية وعلى لسان الأنبياء من اتباع محمد صلى اللّه عليه وسلم أو المعنى تركوا حظهم مما انزل إليهم لأن حظ ابائهم كان اتباع موسى عليه السلام وحظ هؤلاء الموجودين فى زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم كان اتباع محمد صلى اللّه عليه وسلم فلم
ينالوه ذكر التحريف بلفظ المضارع والنسيان بلفظ الماضي لأن الأول مترتب على الثاني فى الوجود وقيل معناه انهم حرفوا فنسو بشوم التحريف علوما كانوا يحفظونها مما ذكروا به روى أحمد بن حنبل فى الزهد عن ابن مسعود لا حسب الرجل ينسى العلم كان يعلمها بالخطية يعملها وتلا هذه الآية وَلا تَزالُ يا محمّد تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ الخائنة فاعلة بمعنى المصدر كالكاذبة واللاعنة يعنى على خيانة أو هى بمعناها والمعنى


الصفحة التالية
Icon