ج ١، ص : ١٠٨
بِضارِّينَ به أى بالسحر مِنْ أَحَدٍ أى أحد إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعنى بقضائه وقدره ومشيته فان الأسباب كلها اسباب ظاهرية عادية غير مؤثرة بالذات - بل جرت عادة اللّه سبحانه بخلق التأثيرات والتأثرات بعد وجود الأسباب ان شاء وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ أى السحر فانه موجب لكفرهم وَلا يَنْفَعُهُمْ شيئا وفيه اشارة إلى ان تعلّم العلوم الغير النافعة كالطبيعى والرياضي ونحو ذلك مكروه لاضاعة الوقت ومن ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اللهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع رواه الحاكم فى المستدرك في حديث ابن مسعود فائدة العلم الذي لا ينفع نوعان نوع منه لا ينفع أحدا من الناس حيث لا يتصور الانتفاع منه كالطبيعى ونحوه ونوع منه لا ينفع العالم إذا لم يعمل بعلمه واللّه اعلم واما العلوم الضارة فلا شك في حرمتها كالسحر والشعبدة والإلهيات الفلاسفة الا إذا كانت بنية صالحة وذكر البغوي عن ابن عباس والكلبي وقتادة وغيرهم في شأن هاروت وماروت قصة ان الملائكة لما راوا ما يصعد إلى السماء من سيات بنى آدم عيروهم فقال اللّه تعالى لو انزلتكم إلى الأرض وركّبت فيكم مثل ما ركّبت فيهم لارتكبتم مثل ما ارتكبوا فقالوا سبحانك ما لنا ان نعصيك قال فاختاروا من خياركم فاختاروا هاروت وماروت وعزائيل - فركّب اللّه فيهم الشهوات واهبطهم إلى الأرض وأمرهم ان يحكموا بين الناس بالحق ونهاهم عن الشرك والقتل بغير الحق والزنى وشرب الخمر - فاما عزائيل لما وقعت الشهوة في قلبه استقال ربه وسأل ان يرفعه إلى السماء فاقاله فسجد أربعين سنة ولم يزل بعد مطاطيا
رأسه حياء - واما الآخران فكانا يقضيان بين الناس فإذا امسيا ذكرا اسم اللّه تعالى الأعظم وصعدا إلى السماء فما مر عليهما شهر حتى افتتنا وذلك انه اختصم إليهما ذات يوم امرأة تسمى زهرة وزوجها وكانت ملكة من أهل فارس فعشقا عليها فراوداها عن نفسها فابت وقالت لا الا ان تعبدا الصنم وتقتلا النفس تعنى زوجها وتشربا الخمر فعرضت عليهما حتى شربا الخمر وزنيابها فراهما انسان فقتلاه فمسخ اللّه الزهرة شهابا فلما امسى هاروت وماروت بعد ما ارتكبا المعاصي وأراد الصعود ما طاوعتهما أجنحتهما فقصدا إدريس النبي صلى اللّه على نبينا وعليه وسلم وسالاه ان يشفع لهما إلى اللّه فخيرهما اللّه تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة فاختارا عذاب الدنيا لانقطاعها - فهما ببابل يعذبان معلقان بشعورهما في جب ملئت نارا - روى ابن راهويه وابن مردوية عن على قوله صلى اللّه عليه وسلم لعن اللّه الزهرة فانما هى التي فتنت الملكين هاروت وماروت - واللّه اعلم -