ج ٣، ص : ٢١٩
السير وإيراد ثم نظرا إلى بداية السير قال البيضاوي والفرق بين هذه وبين قوله تعالى سيروا فى الأرض فانظروا ان السير ثمه لاجل النظر ولا كذلك هاهنا ولذلك قيل معنى هذه الآية اباحة السير للتجارة وغيرها وإيجاب النظر فى اثار الهالكين وكذا قال صاحب المدارك وزاد انه تعالى نبه على إيجاب النظر فى اثار الهالكين بثم للتباعد بين الواجب والمباح قلت بناء قول الشيخين على ان الفاء للسببية دون ثم ومقتضى السببية كون السير سببا للنظر فى الواقع سواء كان السير لاجل النظر قصدا اولا فمفاد الآيتين ان المطلوب شيئان.....
السير مطلقا والنظر فى اثار الهالكين غير ان هذا الآية بكلمة ثم لا يفيد سببية أحدهما للاخر وتلك الآية تفيدها وسياق كلتا الآيتين يقتضى ان المأمور به قصدا انما هو النظر والسير انما امر به لكونه وسيلة إلى النظر وكانّ فى كلمة ثم اشارة إلى التباعد بين ما هو المطلوب قصدا وبالذات وما هو المطلوب ليكون وسيلة إلى غيره وعلى هذا التحقيق لا حاجة فى التوفيق بين الآيتين الواردتين إحداهما بالفاء والاخرى بثم إلى ملاحظة بداية السير ونهايته.
قُلْ يا محمد تبكيت للخصم لِمَنْ من استفهامية والظرف خبر والمبتدأ ما يعنى الأشياء التي هى كائنة فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعم العقلاء وغيرهم ولذلك أورد بكلمة ما قُلْ لِلَّهِ تقرير لهم أى هو اللّه لا خلاف بيننا وبينكم فيه وتنبيه على انه لا يمكن لاحد ان يجيب بغيره كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ يعنى التزم ووعد وعدا مؤكدا لا يمكن خلفه الرَّحْمَةَ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما قضى اللّه الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش ان رحمتى غلبت غضبى وفى رواية بلفظ ان رحمتى سبقت غضبى رواه البغوي من حديث أبى هريرة وعنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان للّه مائة رحمة انزل منها رحمة واحدة بين الجن والانس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها يتعاطف الوحوش على أولادها واخّر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة رواه مسلم قلت لعل المراد بعدد المائة تمثيل التكثير دون تعيين العدد فان ما عندكم ينفد وما عند اللّه باق كيف وصفات الممكنات متناهية وصفاته تعالى غير متناهية وما انزل اللّه من الرحمة فى خلقه وخلقها فى قلوبهم انما هى ظل من ظلال رحمة اللّه تعالى وعن عمر بن الخطاب قال قدم على النبي صلى اللّه عليه وسلم سبى فإذا امراة من السبي قد تحلب ثديها تسعى إذا وجدت صبيا فى السبي