ج ٣، ص : ٢٢٧
لا يغفر الشرك جحدوا رجاء ان يغفر لهم فقالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين فيختم اللّه على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون اللّه حديثا فقال اللّه تعالى.
انْظُرْ أيها المخاطب كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أى زال وذهب عنهم افترائهم بان اللّه حرم هذا وهؤلاء شفعاءنا عند اللّه عطف على كذبوا وكيف حال من فاعل كذبوا قدم لاقتضاء الاستفهام الصدارة ومضمون الجملة مفعول انظر يعنى انظر كذبهم على أنفسهم متكيفين باى كيفية حيث لا يفيدهم قال الكلبي اجتمع أبو سفيان بن حرب وأبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعه وامية وابى ابنا خلف والحرث بن عامر يستمعون القرآن فقالوا للنضر يا با قتيلة ما يقول محمد قال ما أدرى ما يقول الا انه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما أحدثكم عن القرون الماضية وكان النضر كثير الحديث عن القرون واخبارها فقال أبو سفيان انى ارى بعض ما يقول حقا فقال أبو جهل كلا لا تقر بشئ من هذا وفى رواية الموت أهون علينا من هذا فانزل اللّه تعالى.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حين تتلو القرآن وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً جمع كنان وهو ما يستر الشيء أَنْ يَفْقَهُوهُ أى لئلا يفقهوه أو كراهة ان يفقهوه وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما وثقلا يمنع أسماعهم وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ من المعجزات لا يُؤْمِنُوا بِها لأنه تعالى جعل على أبصارهم غشاوة وعلى قلوبهم اكنة وتلك الاكنة موجبة لفرط عنادهم بالنبي صلى اللّه عليه وسلم واستحكام تقليدهم بالآباء حيث لا يرون الحسن حسنا ولا القبيح قبيحا حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا حتى عاطفة تدخل على الجمل عطف على لا يؤمنون وإذا ظرف تضمن معنى الشرط جوابه يجادلونك ويقول تفسير له أو يقال يجادلونك منصوب المحل على انه حال من فاعل جاؤا وجواب الشرط يقول والمعنى بلغ عدم ايمانهم وتكذيبهم إلى مرتبة المجادلة وجعل اصدق الحديث خرافات الأولين والمجيء لاجل المجادلة وهذا غاية التكذيب وجاز ان يكون حتى جارة وإذا فى محل الجر متعلقا بقوله تعالى لا يؤمنون على مذهب سيبويه حيث يقول بجواز وقوع إذا غير ظرف خلافا لجمهور النحاة وعلى هذا التأويل