ج ٣، ص : ٢٦٦
اقْتَدِهْ الظرف للحصر يعنى لا تقتد الا بهديهم فيه تعريض على المشركين فى اقتدائهم بآبائهم الضالين والمراد بالاقتداء بطريقتهم الاخذ بها لا تقليدهم فان التقليد ليس من شأن أهل الاجتهاد من الامة فكيف يليق بالأنبياء لا سيما بسيدهم يعنى اسلك على طريق الهداية واتباع الشرع المويد بالعقل كما سلكوا ففيه تنبيه على ان طريقهم هو الحق الموافق للدليل العقلي والسمعي قال البيضاوي المراد بهداهم ماتوا فقوا عليه من التوحيد واصول الدين دون الفروع المختلف فيها فانها ليست مضافة إلى الكل ولا يمكن التأسى بهم جميعا فليس فيه دليل على انه صلى اللّه عليه وسلم كان متعبدا بشرائع من قبلنا قلت كلهم كانوا مامورين فى الفروع بامتثال امر نزل من اللّه تعالى ما لم ينزل نسخه فيحصل التأسى بجميعهم فى الفروع أيضا بإتيان ما ثبت نزوله من اللّه تعالى بالوحى المتلو أو غير المتلو ولم يثبت نسخه فيجب التعبد بشرائع من قبلنا واللّه اعلم والهاء فى اقتده هاء سكت ولذا حذفه حمزة والكسائي ويعقوب وصلا وأثبتها الباقون فى الحالين تبعا للخط وقرأ ابن عامر بكسر الهاء وابن ذكوان عنه بالإشباع وهشام عنه بالكسر بلا صلة تشبيها بهاء الضمير أو هى ضمير راجع إلى المصدر يعنى اقتد الاقتداء قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أى على التبليغ أو القرآن أَجْراً من جهتكم كما لم يسأل من قبلى من النبيين وهذا مما امر بالاقتداء بهم فيه وفيه دليل على ان أخذ الاجر على تعليم القرآن والفقه ورواية الحديث لا يجوز إِنْ هُوَ أى التبليغ أو القرآن إِلَّا ذِكْرى تذكيرا وعظة لِلْعالَمِينَ ع للانس والجن أخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير مرسلا قال جاء رجل من اليهود يقال له مالك ابن الضيف يخاصم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم أنشدك بالذي انزل التورية على موسى هل تجد فى التورية ان اللّه يبغض الحبر السمين وكان سمينا فغضب
فقال واللّه ما انزل اللّه على بشر من شىء فقال له أصحابه ويحك ولا على موسى فانزل اللّه تعالى.
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية وأخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة قال البغوي لاجل هذه المقالة نزع يهود مالكا عن الحيرية وجعلوا مكانه ابن الأشرف وقال السدى نزلت هذه الآية فى فخاص بن عازورا وهو قائل هذه المقالة وقد تقدم الحديث فى سورة النساء وأخرج ابن جرير من طريق أبى طلحة عن ابن عباس قال قالت اليهود يا محمد انزل اللّه عليك كتابا قال نعم قالوا واللّه ما انزل اللّه من السماء كتابا فانزل اللّه تعالى