ج ٣، ص : ٢٦٧
ما قدروا اللّه حقّ قدره أى ما عرفوه حق معرفته فى الرحمة والانعام على العباد إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ حين أنكروا بعثة الرسل وذلك أعظم رحمة وحق قدره منصوب على المصدرية قُلْ يا محمد مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ التورية الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً حال من الكتاب أو من الضمير فى به وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تكتبون عنه دفاتر وكتبا مقطعة تُبْدُونَها أى ما تحبون منها وَتُخْفُونَ كَثِيراً كنعت محمد صلى اللّه عليه وسلم وعيسى عليه السّلام واية الرجم وغير ذلك وفيه توبيخهم وذمهم على ما فعلوا بالتورية باتباع شهواتهم قرأ ابن كثير وأبو عمرو يجعلونه يبدونها يخفون الثلاثة بالياء على الغيبة حملا على ما قدروا وقالوا والباقون بالتاء على الخطاب لقوله تعالى قل من انزل وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قال الأكثرون هذا خطاب لليهود يعنى علمتم أيها اليهود على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم زيادة على ما فى التورية أو بيانا لما أشكل عليكم وعلى ابائكم من عبادة التورية نظيره قوله تعالى ان هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل اكثر الذي هم فيه يختلفون قال الحسن جعل لهم علم ما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم فضيعوه وقال مجاهد هذا خطاب للمسلمين يذكرهم النعمة فيما علموا ببعثة النبي صلى اللّه عليه وسلم وكانوا أميين قُلِ اللَّهُ أى أنزله اللّه أو اللّه أنزله هذا متصل بقوله تعالى قل من انزل امر اللّه تعالى نبيه صلى اللّه عليه وسلم بالجواب لما بهتوا عن الجواب اشعارا بان الجواب متعين لا يمكن غيره ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ أى فى أباطيلهم يَلْعَبُونَ حال من مفعول ذرو الظرف متعلق بذرهم أو يلعبون أو حال من فاعل يلعبون وجاز ان يكون يلعبون حالا من ضمير فى خوضهم والظرف متصل بالأول.
وَهذا القرآن كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ أى كثير الفائدة والنفع مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من التورية وغيرها وَلِتُنْذِرَ عطف على ما دل عليه مبارك يعنى لتنتفع به ولتنذر قرأ أبو بكر عن عاصم لينذر بالياء على الغيبة والضمير راجع إلى الكتاب أُمَّ الْقُرى يعنى مكة سميت بها لأن الأرض دحيت من تحتها فهى كالاصل لجميع الأرض أو لانها قبلة أهل القرى وموضع حجهم ومرجع لاهل جميع الأرض والمضاف محذوف يعنى لتنذر أهل أم القرى وَمَنْ حَوْلَها إلى الشرق والغرب وأطراف الأرض وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ


الصفحة التالية
Icon