ج ٣، ص : ٣٣٣
الجزء الغالب وتلك الاضافة تدل على ان العمدة فى اجزاء الإنسان انما هو عالم الخلق دون عالم الأمر وعالم الأمر تابع له ويتصف بالخيرية والشرية بتبعيته ويتلون بلونه الا ترى ان الروح
تعلق بجسد الإنسان كما تعلق بجسد الشيطان فتلون فى كل على هيئة ومثله كمثل الشمس تجلت فى المرآة فتصورت بصورتها وتلونت بلونها قال المجدد رضى اللّه عنه كمال الترقي بعالم الأمر إلى ظلال الصفات الا الأخفى منها فانها ترتقى إلى بعض الصفات وكمال الترقي للنفس المنبعث من لطائف عالم الخلق إلى ظاهر الصفات وكمال الترقي للعناصر الثلاثة إلى باطن الصفات أى من حيث قيامها بالذات والترقي إلى مرتبة الذات مختصة بعنصر الطين كما ان نور الشمس لا يظهر الا على أكثف الأشياء دون ألطفها والله اعلم.
قالَ اللّه تعالى لابليس لما استكبر فَاهْبِطْ مِنْها أى من الجنة وقيل من السماء والفاء جواب لقوله انا خير منه يعنى ان كنت متكبرا فاهبط منها فانه كان للمتواضعين المطيعين فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها أى لا يصح لك التكبر فيها ففيه تنبيه على ان التكبر لا يليق باهل الجنة فانه من خصائص الكبير المتعال وانه تعالى انما طرده واهبط لتكبره عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يدخل الجنة أحد فى قلبه مثقال ذرة من خردل من كبر رواه مسلم وفى رواية لمسلم فقال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال عليه السلام ان اللّه جميل يحب الجمال الكبر بطر « ١ » الحق وغمط « ٢ » الناس وعن حارثة بن وهب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم الا أخبركم باهل الجنة كل ضعيف متضعف لو اقسم على اللّه لا بره الا أخبركم باهل النار كل عتل « ٣ » جواظ « ٤ » مستكبر متفق عليه وعن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم الكبرياء ردائى والعظمة إزاري فمن نازعنى واحدا منهما أدخلته فى النار رواه مسلم وفى رواية له قذفته فى النار فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ أى أهل الصغار والذل والهوان على اللّه وعلى أوليائه يذمك كل انسان ويلعنك كل لسان وفى القاموس الصاغر الراضي بالمنزلة الدنية وكذا فى غيره من كتب اللغة ومن هاهنا يعلم ان الصغار والذل لازم للاستكبار قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من تواضع للّه رفعه اللّه فهو
_________
(١) بطر الحق هو ان يجعل ما جعله اللّه حقا من توحيده وعبادته باطلا ١٢ نهايه
(٢) الغمط الاستهانة والاستحقار ١٤ ١٢ نهايه
(٣) العتل الشديد الجافي ١٢ نهايه
(٤) الجواظ الجموح المنوع ١٢