ج ٣، ص : ٣٤٢
والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن خزيمة فى صحيحه والظاهر عندى ان المسجد مصدر ميمى بمعنى السجدة اطلق على الصلاة تسمية الجزء على الكل كما فى قوله تعالى واركعوا مع الراكعين يعنى صلوا مع المصلين وقوله تعالى فاقرءوا ما تيسر من القرآن يعنى صلوا ما تيسر من الصلاة فهذه الآية بعبارته يوجب ستر العورة عند كل صلوة خاصة والبحث فى سبب النزول ان قوله تعالى يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا إلى قوله تعالى قل انما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن الآيات كلها نزلت حين كانت العرب فى الجاهلية تطوف بالبيت عراة يقولون لا نطوف فى ثياب عصينا اللّه فيها وطافت المرأة عريانة واضعة يدها على فرجها بل ذكر قصة آدم أيضا توطية لذلك حتى يعلم ان انكشاف العورة أول سوء أصاب الإنسان من الشيطان والآيات كلها ناطقة ان خلق اللباس للانسان لاجل ستر عورته نعمة من اللّه تعالى وذلك هو التقوى وكشف العورة وترك الستر فتنة وإضلال من الشيطان قد عمل اولا بأبيكم آدم وثانيا بكم وانه فاحشة تفعله العرب تقليدا بآبائهم وافتراء على اللّه تعالى واللّه تعالى لا يأمر بالفحشاء لكن فريقا من الناس هديهم اللّه وفريقا حق عليهم الضلالة فهذه الآيات تدل على ان كشف العورة فاحشة حرام مطلقا قبيح مستهجن طبعا وعقلا وشرعا فارتكابها فى الطواف وغير ذلك من العبادات أقبح وافحش وأشد حرمة بالطريق الاولى موجب للاثم وما كانت العرب يدعون ان لبس الثياب فى الطواف حرام وأكل اللحم والدسم فى الحج حرام فهو باطل أنكر عليه سبحانه بقوله من حرم زينة الآية وقوله انما حرم ربىالفواحش ومنها كشف العورة لكن شى من هذه الآيات لا تدل على اشتراط ستر العورة فى الطواف ومن ثم قال أبو حنيفة رحمه اللّه لو طاف عريانا اثم ويحكم بسقوطه وقال اكثر الائمة لا يحكم بسقوطه لحديث أبى هريرة ان أبا بكر الصديق رضى اللّه عنهما بعثه فى الحجة
التي امره عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قبل حجة الوداع بعام يوم النحر فى رهط يوذن فى الناس ان لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان متفق عليه قالوا الطواف عريانا منهى عنه فلا يتادى به الواجب كما لا يجوز قضاء الصوم فى يوم النحر وقضاء الصلاة فى وقت الطلوع والاستواء والغروب واما هذه الآية خذوا زينتكم عند كل مسجد يقتضى اشتراط ستر العورة فى الصلاة وعدم جواز الصلاة بدونها لما ذكرنا ان كونه فرضا واجبا مطلقا وكون كشف العورة فاحشة حراما مطلقا