ج ٣، ص : ٤٢٣
يوم الأحد ففعلوا ذلك زمانا ثم جرؤا على السبت وقالوا ما نرى السبت الا قد أحل لنا فاخذوا وأكلوا وباعوا فصار أهل القرية أثلاثا وكانوا نحوا من سبعين الفا ثلث كانوا يعدون فى السبت وثلث كانوا ينهونهم عن الاعتداء وثلث لم يفعلوا ولم ينهوا وهم الذين حكى عنهم اللّه سبحانه بقوله.
وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ أى الفرقة الساكتة للفرقة الواعظة الناهية عن المنكر لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ فى الدنيا أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فى الاخرة قالُوا الناهون فى جوابهم مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ قرأ الجمهور معذرة بالرفع على انه خبر مبتدأ محذوف أى موعظتنا معذرة أى إبداء لعذرنا إلى اللّه تعالى حتى لا نكون مفرطين فى النهى عن المنكر وقرأ حفص بالنصب على المصدرية أو العلية أى اعتذرنا معذرة اوعظناهم معذرة وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فان الياس لا يحصل الا بعد الهلاك.
فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أى ترك الفرقة العاصية ما ذكّرهم الصلحاء الواعظون أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ يعنى الفرقة الواعظة الصالحة وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا يعنى الفرقة العاصية بِعَذابٍ بَئِيسٍ أى شديد قرأ الجمهور بفتح الباء وكسر الهمزة بعدها ياء ساكنة على وزن فعيل من بؤس يبئس بأسا إذا اشتد وقرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر بئس على وزن فعل وكان فى الأصل بئس مفتوح الفاء مكسور العين وزن حذر فخفف عينه بنقل حركتها إلى ما قبلها فصار بئس بسكون الهمزة أو هو فعل ذم وصف به فجعل اسما الا ان ابن عامر يهمز ونافع وأبو جعفر لا يهمزان بل يقلبان الهمزة ياء ويقران بيس وقرأ أبو بكر عن عاصم بخلاف عنه بفتح الباء وسكون الياء وفتح الهمزة على وزن فيعل مثل صيقل بِما كانُوا يَفْسُقُونَ قال ابن عباس رضى اللّه عنه اسمع اللّه يقول أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئس فلا أدرى ما فعل الفرقة الساكتة قال عكرمة قلت له جعلنى اللّه فداك الا تريهم قد أنكروا وكرهوا ما هم عليه وقالوا لم تعظون قوما اللّه مهلكهم وان لم يقل اللّه انجيتهم لم يقل أهلكتهم فاعجبه قولى فرضى وامر لى ببردين فكسانيها وقال نجت الفرقة الساكتة كذا روى الحاكم وقال يمان بن رباب نجت الطائفتان الذين قالوا لم تعظون قوما اللّه مهلكهم والذين قالوا معذرة إلى ربكم وأهلك اللّه الذين أخذوا لحيتان وهذا قول الحسن ومجاهد وقال ابن زيد نجت الناهية وهلكت الفرقتان وهذه أشد اية فى ترك النهى عن المنكر.
فَلَمَّا عَتَوْا أى تكبر الفرقة الخاطئة عَنْ ما نُهُوا