ج ١، ص : ١٤
مشتملة على انصاف جميع أنواعها من المهموسة والمجهورة والشديدة والرخوة وغيرها كما ذكر تفصيله - وأيضا الكلام غالبا يتركب من تلك الحروف الاربعة عشر دون البواقي - قال والمعنى ان هذا المتحدى به مؤلف من جنس هذه الحروف - والحق عندى انها من المتشابهات « ١ » وهى اسرار بين اللّه تعالى وبين رسوله صلى اللّه عليه وسلم لم يقصد بها إفهام العامة بل إفهام الرسول صلى اللّه عليه وسلم ومن شاء افهامه من كمل اتباعه قال البغوي قال أبو بكر الصديق رضى اللّه عنه في كل كتاب سر وسر اللّه تعالى في القرآن أوائل السور - وقال علىّ رضى اللّه عنه ان لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي - وحكاه الثعلبي عن أبى بكر وعن علىّ وكثير - وحكاه السمرقندي عن عمرو وعثمان وابن مسعود رضى اللّه عنهم أجمعين وحكاه القرطبي عن سفيان الثوري - والربيع بن خثعم - وابى بكر ابن الأنباري - وابن أبى حاتم وجماعة من المحدثين - قال السجاوندى المروي عن الصدر الأول في الحروف التهجي انها سر بين اللّه وبين نبيه صلى اللّه عليه وسلم - وقد يجرى بين المحرمين كلمات معميات يشير إلى اسرار بينهما - وقيل انّ اللّه تعالى استأثر بعلم المقطعات والمتشابهات ما فهمه النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا أحد من اتباعه - وهذا بعيد جدّا فان الخطاب للافهام فلو لم يكن مفهمة كان الخطاب بها كالخطاب بالمهمل أو الخطاب بالهندي مع العربي - ولم يكن القرآن باسره بيانا وهدى - ويلزم أيضا الخلف في الوعد بقوله تعالى - ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ - فانه يقتضى ان بيان القرآن محكمه ومتشابهه من اللّه تعالى للنبى صلى اللّه عليه وسلم واجب ضرورى - وروى عن ابن
عباس انا من الراسخين في العلم وانا ممن يعلم تأويله - وكذا
_________
(١) المتشابه فيه قولان أحدهما انه يرجى نيل المراد منه بضرب من التأويل والتأمل والثاني انه لا يرجى نيل المراد منه فعلى القول الأول الرسول وغيره في ذلك سواء والادلة التي ذكرت هاهنا يؤيد هذا القول وعلى القول الثاني هو مختار الحنفية رحمهم اللّه أيضا الرسول وغيره سواء والادلة المذكورة مخدوشة عندهم فينبغى تفصيل المذهبين وكذا دليل كل من الفريقين مع الجواب عن دليل المخالف حتى ينتظم الكلام - قلت المتشابه التي يشتبه على السامع العارف باللغة المراد بحيث لا يدرك بالطلب ولا بالتأمل الا بعد بيان من الشارع فان بينه النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى ظهر المراد منه سميت مجملا على اصطلاح الأصوليين كالصلوة والزكوة والحج والعمرة واية الربوا ونحو ذلك وان لم يوجد البيان والتعليم من النبي صلى اللّه عليه وسلم سميت متشابها على اصطلاحهم - والمتشابه بهذا المعنى أخص من المتشابه بالمعنى المذكور سابقا فالمقطعات واليد والوجه والاستواء على العرش من هذا القبيل - واختلف كلام العلماء في هذا النوع فقيل يمكن تأويله وقيل لا يمكن تأويله بل يجب الايمان به وتفويض المراد منه إلى اللّه سبحانه فقيل استأثر اللّه سبحانه بعلمه ما فهم النبي صلى اللّه عليه وسلم مراده ولا أحد من اتباعه وبه قال اكثر العلماء وقيل بل فهمه النبي صلى اللّه عليه وسلم ومن شاء افهامه من اتباعه وهو سر بين اللّه وبين رسوله صلى اللّه عليه وسلم وهو المختار عندى وما يدل على هذا من اقوال الصحابة مذكور في الكتاب - منه برد اللّه مضجعه