ج ٤، ص : ١٠٣
في الدنيا وليس السبب عدم تغيّر اللّه ما أنعم عليهم حتى يغيروا حالهم بل ما هو المفهوم له وهو جرى عادة اللّه على تغييره نعمائه بالنقمات إذا غيروا حالهم وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لما يقولون عَلِيمٌ (٥٣) بما يفعلون.
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فيه زيادة دلالة على كفران النعم وجحود الحق فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ أهلكنا بعضهم بالغرق وبعضهم بالرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالمسخ وبعضهم بالريح وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ كذلك أهلكنا كفار بدر بالسيف لما كذبوا بايات ربهم وكرر اللّه سبحانه قوله كداب ال فرعون إلخ للتاكيد وقيل الأول بسببية الكفر والاخذ به والثاني بسببية التغير في النعمة بسبب تغيرهم ما بانفسهم أو لأن الأول الاخذ بالذنوب بلا بيان وهاهنا بين انه الهلاك والاستيصال ووَ كُلٌّ من الأولين والآخرين كانُوا ظالِمِينَ (٥٤) أنفسهم بالكفر والمعاصي.
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا أصروا على الكفر ورسخوا فيه فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) احترز به عن الذين كفروا ثم أمنوا وحسن إسلامهم أو هو اخبار عن قوم طبعوا على الكفر بانهم لا يؤمنون والفاء للعطف والتنبيه على ان تحقق المعطوف عليه يستدعى تحقق المعطوف يعنى الذين كفروا واستقر في علم اللّه تعالى كفرهم فهم لا يومنون وهذا عام يشتمل كل من يموت على الكفر وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال نزلت ان شر الدواب عند اللّه الذين كفروا الآية في ستة رهط من اليهود فيهم ابن التابوت وقوله تعالى.
الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ بدل من الذين كفروا اما بدل البعض للتخصيص بذمهم واما بدل الكل على رواية سعيد بن جبير والمعنى عاهدتهم وكلمة من لتضمن المعاهدة معنى الاخذ يعنى أخذت منهم العهد ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عاهدتهم وهم بنو قريظة كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار ووادع فيه يهود وعاهدهم واشترط لهم وعليهم واقرهم على دينهم وأموالهم لما امتنعوا عن الإسلام كذا قال ابن إسحاق وذكر نسخة الكتاب نحو ورقتين ثم هم نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وأعانوا المشركين بالسلاح على قتال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأصحابه


الصفحة التالية
Icon