ج ٤، ص : ١٠٤
ثم قالوا نسينا واخطأنا فعاهدهم ثانيا فنقضوا العهد ومال الكفار على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم الخندق وركب كعب بن الأشرف إلى مكة فوافقهم على مخالفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) اللّه حيث يكفرون برسوله بعد ما عرفوه كما يعرفون أبناءهم وينقضون العهود منه كل مرة روى عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم انه قال لليهود معاذ بن جبل وبشر بن البرام وداود بن سلمة يا معشر يهود اتقوا اللّه واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل الشرك وتخبرون انه مبعوث وتصفون بصفته جعلهم اللّه تعالى شر الدواب لأن شر الناس بل شر الخلائق الكفار وشر الكفار المصرون وشر المصرون الناكثون العهود فهم شر الدواب.
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ تدركنهم فِي الْحَرْبِ ناسرتهم فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ اصل التشريد التفريق على اضطراب قال ابن عباس معناه فنكل بهم من ورائهم يعنى افعل بهؤلاء الذين نقضوا عهدك فعلا من القتل والتنكيل تفرق منك ويخافك من خلفهم من أهل مكة واليمن يقال شردت بفلان أى فعلت به فعلا شرد غيره ان يفعل فعله ومن هاهنا لما أمكن اللّه تعالى رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم على بنى قريظه قتل رجالهم كل من أنبت وسبى نسائهم وذراريهم وقسم أموالهم روى الطبراني عن اسلم الأنصاري قال جعلنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على أسارى بنى قريظة فكنت انظر إلى فرج الغلام فان رايته أنبت ضربت عنقه لَعَلَّهُمْ أى لعل من خلفهم يَذَّكَّرُونَ (٥٧) يتذكرون ويتعظون فلا ينقضون العهد.
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ معاهدين خِيانَةً أى نقض عهد يظهر لك منهم اثار الغدر فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ أى اطرح إليهم عهدهم عَلى سَواءٍ أى على عدل وطريق قصد أو على سواء منك وهم في العلم بنقض العهد يعنى أعلمهم قبل الحرب انك قد فسخت العهد بينك وبينهم حتى لا يكون خيانة منك روى أبو الشيخ عن ابن شهاب قال دخل جبرئيل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال قد وضعت السلاح وما زلنا في طلب القوم فاخرج فان اللّه قد اذن لك في قريظة وانزل فيهم واما تخافن من قوم خيانة الآية قلت وذلك بعد غزوة الأحزاب وقال الحافظ محمد يوسف الصالحي في سبيل الرشاد كانت قينقاع أول