ج ٤، ص : ١١٧
قد أمكنكم منهم فقال عمر بن الخطاب يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم اضرب أعناقهم فاعرض عنه فقام أبو بكر فقال ترى ان تعفو عنهم وان تقبل منهم الفداء فعفى عنهم وقبل منهم الفداء فانزل اللّه تعالى.
لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ يعنى انه لا يضل أى لا ينسب إلى الضلال ولا يعذبهم قوما بعد إذ هدهم حتى يبين لهم ما يتقون وانه لا يأخذ قوما فعلوا شيئا قبل النهى كذا قال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير في تفسير الآية وأخرج الترمذي عن أبى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لم يحل الغنائم لاحد سود الروس من قبلكم كانت تنزل نار من السماء فتاكلها فلما كان يوم بدر وقعوا في الغنائم قبل ان يحل لهم فانزل اللّه تعالى لو لا كتب من اللّه يعنى قضاء من اللّه سبق في اللوح المحفوظ انه يحل لكم الغنائم كذا قال ابن عباس وقيل معناه لو لا حكم من اللّه سبق في اللوح المحفوظ وهو ان لا يعاقب المخطى في اجتهاده وكان هذا اجتهاد أمتهم بان نظروا في استبقائهم ربما كان سببا لاسلامهم كما وجد من كثير منهم وان فدآئهم يتقووا به على الجهاد وخفى عليهم ان قتلهم أعز للاسلام واهيب لمن ورائهم وقيل معناه لو لا كتاب في اللوح المحفوظ انه لا يعذب أهل بدر « ١ » لَمَسَّكُمْ لنا لكم فِيما أَخَذْتُمْ من الفداء بالاجتهاد وقبل ان تؤمروا به أو من الغنائم قبل ان يحل « ٢ » لكم عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨) قال ابن إسحاق لم يكن من المؤمنين أحد ممن حضر الا أحب الغنائم الا عمر بن الخطاب فانه أشار على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بقتل الأسرى وسعيد بن معاذ قال يا نبى اللّه كان الإثخان في القتل احبّ الىّ من استبقاء الرجال فقال
_________
(١) وقيل معنى الآية لو لا ايمانكم بالقرآن وهو الكتاب السابق فاستوجبتم به الصفح لعوقبتم ويزاد تفسير أو بيانا بان يقال لو لا ما كنتم مؤمنين بالقران ولو لا كنتم ممن أحلت لهم الغنائم لعوقبتم كما عوقب من بعدي قبل فهذه التأويلات كلها ينفى المعصية لأنه من فعل ما أحل له لم يعص اللّه ١٢.
(٢) قال القاضي بكر بن العلا أخبر اللّه تعالى نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم في هذه الآية ان تأويله وافق ما كتبه له من إحلال الغنائم والفداء وقد كان قبل هذا فادوا فى سرية عبد اللّه بن جحش التي قتل فيها ابن الحضري بالحكم بن كهنان وصاحبه فما عتب اللّه ذلك عليهم وذلك قبل بدر بأزيد من عام فهذا كله يدل على ان فعل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في شان الأسرى كان على تاويل وبصيرة على ما تقدم قبل مثله فلم ينكره اللّه عليهم لكن اللّه تعالى أراد لعظم امر بدر وكثرة اسراهم واللّه اعلم اظهار نعمته وتأكيد منة بتقريعهم ما كتبه في اللوح المحفوظ من حل ذلك لهم لا على وجه انكار وعتاب وتذنيب هذا معنى كلامه كذا في الشفاء ١٢.


الصفحة التالية
Icon