ج ٤، ص : ١٣٥
عطفا على المستكن في برئ أو على الابتداء والخبر محذوف أى ورسوله برئ وهذا تعميم بعد تخصيص فان الآية الاولى فيها براءة مختصة بالذين عوهدوا والمراد به الناكثين منهم بدليل الاستثناء الآتي وفي هذه الآية براءة عامة إلى المشركين أجمعين عاهدوا ثم نكثوا أو لم يعاهدوا منهم ولذا قال إلى الناس فلا تكرار غير ان الذين عاهدوا ولم ينكثوا خارجون عن هذه البراءة أيضا لقوله تعالى فاتموا إليهم عهدهم وليس في هذه الآية الأمر بالسياحة اربعة أشهر حتى يلزم اعتبار ابتداء المدة من هذا اليوم وعندى ان قوله تعالى براءة من اللّه ورسوله وان اللّه برئ وان كانت نازلة في المشركين الموجودين في ذلك الوقت الناكثين عهودهم في غزوة تبوك وغير المعاهدين منهم لكن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص المورد فالآية محكمة ناطقة لوجوب قتال الناكثين وغير المعاهدين ابدا فالمراد بقوله تعالى فسيحوا في الأرض اربعة أشهر من كل سنة وهى الأشهر الحرم بدليل قوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم الآية وقوله تعالى ان عدة الشهور عند اللّه اثنى عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات والأرض منها اربعة حرم فان قيل قال قوم القتال في الأشهر الحرم كان كبيرا ثم نسخ بقوله تعالى قاتلوا المشركين كافة كأنَّه يقول فيهن وفي غيرهن وهو قول قتادة وعطاء الخراسانى والزهري وسفيان الثوري وقالوا لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم غزا هوازن بحنين وثقيفا بالطائف وحاصر في شوال وبعض ذى القعدة قلنا هذا لقول عندى غير صحيح لأن قوله تعالى قاتلوا المشركين كافة من تتمة قوله تعالى ان عدة الشهور عند اللّه اثنى عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات والأرض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ولا بد في الناسخ من التراخي والقول بالتخصيص هاهنا غير متصور والقول بان معنى قوله تعالى قاتلوا المشركين كافة
فيهن وفي غيرهن باطل لأنه يدل على تعميم الافراد دون تعميم الزمان وحصاره صلى اللّه عليه وسلم الطائف في بعض ذى القعدة ثابت بأحاديث الآحاد ولا يجوز نسخ الكتاب بها كيف وسورة التوبة نزلت بعد غزوة الطائف وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في خطبة