ج ٤، ص : ١٥٣
مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ
فقعدتم لاجله عن الهجرة والجهاد فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ جواب ووعيد قال عطاء بقضائه يعنى بالعقوبة العاجلة والاجلة وقال مجاهد ومقاتل بفتح مكة وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤) الخارجين عن طاعة اللّه تعالى أى لا يرشدهم قال البيضاوي المراد الحب الاختياري يعنى إيثار هذه الأشياء وترك امتثال أوامر اللّه تعالى ورسوله صلى اللّه عليه وسلم دون الحب الطبيعي فانه لا يدخل تحت التكليف والتحفظ عنه قلت وكمال الايمان ان يكون الطبيعة تابعة للشريعة فلا يقتضى الطبيعة الا ما يأمره الشريعة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أحب للّه وابغض للّه واعطى للّه ومنع للّه فقد استكمل الايمان وفي رواية فقد استكمل إيمانه رواه أبو داود عن أبى امامة والترمذي عن معاذ بن أنس مع تقديم وتأخير وفي الصحيحين عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين والمراد لا يومن ايمانا كاملا وفيهما عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثبت من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان من كان اللّه ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن أحب عبدا لا يحب الا للّه ومن يكره ان يعود في الكفر بعد ان أنقذه اللّه منه كما يكره ان يلقى في النار قلت وجدان حلاوة الايمان عبارة عن الاستلذاذ به كما يستلذذ الرجل بالشهوات الطبيعية وذلك كمال الايمان ولا يكتسب ذلك الا من مصاحبة ارباب القلوب الصافية والنفوس الزاكية رزقنا اللّه سبحانه وهذه الآية وما ذكرنا من الأحاديث « ١ » يوجب افتراض اكتساب التصوف من خدمة المشايخ رضى اللّه عنهم أجمعين ومعنى قوله تعالى واللّه لا يهدى القوم الفاسقين يعنى لا يرشدهم إلى معرفته قال البيضاوي في الآية تشديد عظيم وقل من يتخلص عنه قلت ذلك القليل هو الصوفية العلية قال صاحب المدارك الآية تنعى على الناس ما
هم عليه من رخاوة عقد الدين واضطراب حبل اليقين إذ تجد من
_________
(١) عن عبد اللّه بن هشام قال كنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال واللّه لانت يا رسول اللّه أحب الىّ من كل شيء الا نفسى فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لا يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ١٢.


الصفحة التالية
Icon