ج ٤، ص : ٢٦٠
الكاذب فجعلوا كانهم معترفون باستهزائهم حتى وبخوا بأخطائهم موضع الاستهزاء حيث جعل المستهزأ به يلى حرف التقرير وذلك يكون بعد ثبوت الاستهزاء كذا قالوا قلت قولهم انما كنا نخوض ونلعب اعتراف منهم بالاستهزاء ومعناه كنا نقول ما يفهم منه الاستهزاء لقطع مسافة الطريق على سبيل اللعب لا على قصد الاستهزاء أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عمر قال قال رجل فى غزوة تبوك فى مجلس ما راينا مثل قراينا هؤلاء لا ارغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا اجبن عند اللقاء فقال له رجل كذبت ولكنك منافق لا خبرك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونزل القرآن قال ابن عمرو انا رأيته متعلقا بحقب نافة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والحجارة تنكيه وهو يقول انما « ١ » كنا نخوض ونلعب ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ا باللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن ثم أخرجه من وجه آخر عن ابن عمر نحوه وسمى الرجل عبد اللّه بن أبى كذا ذكر البغوي عن عمر رضى اللّه عنه وأخرج ابن جرير عن قتادة ان ناسا من المنافقين قالوا فى غزوة تبوك يرجوا هذا الرجل ان يفتح قصور الشام وحصونها هيهات فاطلع اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم على ذلك فاتاهم فقال قلتم كذا وكذا قالوا انما كنا نخوض ونلعب فنزلت قال البغوي سبب نزول هذه الآية على ما قال الكلبي ومقاتل وقتادة ان النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يسير فى غزوة تبوك وبين يديه ثلثة نفر من المنافقين اثنان يستهزءان بالقرآن والرسول صلى اللّه عليه وسلم والثالث يضحك قيل كانوا يقولون ان محمدا يزعم انه يغلب الروم ويفتح مداينهم وما أبعده من ذلك وقيل كانوا يقولون ان محمدا يزعم انه نزل فى أصحابنا المقيمين فى المدينة قرآن وانما هو قوله وكلامه فاطلع اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم على ذلك فقال احبسوا علىّ الركب فدعاهم فقال لهم قلتم كذا وكذا فقالوا انما كنا نخوض و
نلعب أى كنا نتحدث ونخوض فى الكلام كما يفعل الركب يقطع
_________
(١) عن شريح بن عبيد ان رجلا قال لابى الدرداء يا معشر القراء ما بالكم اجبن منا وأبخل إذا سئلتم وأعظم لقما إذا أكلتم فاعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد شيئا فاخبر بذلك عمر بن الخطاب فانطلق عمر إلى الرجل الذي قال ذلك فقال بثوبه وخنقه وقاده إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الرجل انما كنا نخوض ونلعب فاوحى اللّه إلى نبيه صلى اللّه عليه وسلم ولين سالتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب ١٢.