ج ٤، ص : ٣٢٢
أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢٠) يعنى جزاء احسن أعمالهم يعنى الجهاد فى سبيل اللّه أو احسن جزاء أعمالهم عن أبى مسعود الأنصاري قال جاء رجل بناقة مخطومة فقال هذه فى سبيل اللّه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة رواه مسلم وعن زيد بن خالد ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال من جهز غازيا فى سبيل اللّه فقد غزا ومن خلف غازيا فى اهله فقد غزا متفق عليه واللّه اعلم قال الكلبي ان احياء بنى اسد بن خزيمة أصابتهم سنة شديدة فاقبلوا بالذراري حتى نزلوا بالمدينة فافسدوا طرقها بالعذرات واغلوا أسعارها فانزل اللّه تعالى.
وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً نفى بمعنى النهى واللام لتأكيد النفي والمعنى لا ينفروا كافة عن أوطانهم لطلب العلم فانه مخل بالمعاش ومفضى إلى المفسدة فَلَوْ لا فهلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ أى من كل جماعة كثيرة كقبيلة واهل بلدة أو قرية طائِفَةٌ جماعة قليلة لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ أى ليتكلفوا الطلب الفقاهة فى الدين ويتجشموا المشاق فى تحصيلها قال صاحب النهاية الفقه فى الأصل الفهم واشتقاقه من الشق والفتح وفى القاموس الفقه بالكسر المعلم بالشيء والفهم له والفطنة وغلب على علم الدين لشرفه وقال بعض المحققين الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم يعنى العلم الاستدلالي قال اللّه تعالى فما لهولاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ولا يستنبطون مضمونه قال أبو حنيفة رحمه اللّه هو معرفة النفس مالها وما عليها والتخصيص بالعلم بفروع الدين اصطلاح جديد والظاهر انه يشتمل علم المقلد أيضا فالمقلد إذا أخذ العلم من المجتهد ومن كتابه فقد ادى ما وجب عليه بهذه الآية واللّه اعلم وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ الذين لم ينفروا إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ فى أوطانهم بعد تحصيل العلم لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢١) بانذارهم ما يجب عليهم اجتنابها وقال مجاهد نزلت فى ناس خرجوا فى البوادي فأصابوا منهم معروفا ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى فقال الناس لهم ما نريك الا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا فوجدوا فى أنفسهم من ذلك حرجا فاقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا على النبي صلّى اللّه عليه وسلم