ج ٤، ص : ٣٢٨
من غيركم رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٧) الرأفة شدة الرحمة قدم الأبلغ منها لرعاية الفواصل قبل رؤف بالمطيعين رحيم بالمذنبين.
فَإِنْ تَوَلَّوْا عن الايمان بك وناصبوك للحرب فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ فانه يكفيك مؤنتهم ويعينك عليهم لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كالدليل عليه عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ فلا ارجوا ولا أخاف الا منه وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٨) خصه بالذكر لأنه أعظم المخلوقات أخرج عبد اللّه بن أحمد عن أبى بن كعب قال اخر ما نزل من القرآن هاتان الآيتان لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى اخر السورة وقال « ١ » هما أحدث الآيات باللّه عهدا واللّه اعلم.
(فصل) ولما كان نزول اكثر هذه السورة فى غزوة تبوك وقد ذكرنا بعض قصصها فى ضمن تفسير السورة فلنذكر بقية قصص تلك الغزوة والمعجزات التي ظهرت فيها تتميما للمقال روى الطبراني عن عبد اللّه بن سلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لما مر بالخليجة فى سفره إلى تبوك قال له أصحابه المبرك يا رسول اللّه الظل والماء وإن كان فيها دوم « ٢ » وماء فقال انها ارض زرع دعوها فانها مامورة يعنى ناقته فاقبلت حتى بركت عند الدومة التي كانت فى مسجد ذى المروة قال محمد بن عمر ولما نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وادي القرى اهدى له بنى عريض اليهودي هريسا فاكلها وأطعمهم أربعين وسقا فهى جارية عليهم إلى يوم القيامة وفى رواية فهى جارية عليهم إلى الساعة روى مالك واحمد والشيخان فى
_________
(١) عن يحيى بن عبد الرحمان بن حاطب انه قال أراد عمر بن الخطاب ان يجمع القرآن فقام فى الناس فقال من كان تلقى فى زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم شيئا من القرآن فلياتنا به وكانوا كتبوا ذلك فى الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد به شاهدان فقتل وهو يجمع ذلك إليه فقام عثمان بن عفان فقال من كان عنده شىء من كتاب اللّه فلياتنا به وكان لا يقبل من ذلك حتى يشهد به شاهدان فجاء خزيمة بن ثابت فقال انى رايتكم تركتم به ايتين لم تكتبوهما فقال اما هما قال تلقيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم الآيتين فقال عثمان وانا اشهد انهما من اللّه فاين نرى ان تجعلهما قال اختم بهما آخر ما نزل من القرآن فتحتمت بها براة الحمد للّه رب العلمين صلى اللّه على رسوله روف الرحيم.
(٢) الودم جمع ودمة وهى ضخام الشجري شجر المقل ١٢.