ج ٥، ص : ٦
عن ابن عباس هو السعادة فى الذكر الأول - وقال زيد بن اسلم هو شفاعة الرسول صلى اللّه عليه وسلم - قال البخاري قال زيد بن اسلم انّ لهم قدم صدق محمد صلى اللّه عليه وسلم قالَ الْكافِرُونَ تعنتا وعنادا لما راوا من الرسول صلى اللّه عليه وسلم أمورا خارقة للعادة وسمعوا كلاما معجزا عن المعارضة إِنَّ هذا يعنى الرسول صلى اللّه عليه وسلم لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢) على وزن فاعل كذا قرأ ابن كثير والكوفيون وقرا الباقون لسحر بغير الف - والاشارة حينئذ إلى القرآن - يعنى ان هذا الكلام لكونه سحرا يمنعنا عن المعارضة وجاز ان يكون الاشارة إلى كل معجزة رأوها -.
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الّتى هى اصول الممكنات فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ من ايام الدنيا أى فى قدرها ولو شاء لخلقهن فى لمحة وانما فعل ذلك لتعليم خلقه التثبت ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ اجمع أهل السنة من الخلف والسلف على « ١ » ان الله تعالى منزه عن صفات الأجسام وصفات الحدوث - فلهم فى هذه الآية وأمثالها سبيلان - أحدهما تأويلها بما يليق به تعالى بناء على عطف قوله تعالى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ على اسم اللّه فى قوله تعالى وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ - وقد مر البحث عليه فى سورة ال عمران - فقالوا معنى استوى استولى على العرش الذي هو أعظم المخلوقات ومحدد الجهات - وذا يستلزم استيلاءه تعالى على جميع الخلائق - وأسند البغوي تأويل الاستواء بالاستيلاء إلى المعتزلة وكلام السلف الصالح يأبى عن سبيل التأويل بل المختار عندهم الايمان بتلك الآيات وتفويض علمه إلى الله تعالى والتحاشى عن البحث عنه - قال محمد بن الحسن اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الايمان بالقران والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى صفة الرب عز وجل من غير تفسير ولا وصف ولا شبه - فمن فسر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم وفارق الجماعة وقال مالك بن أنس الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والسؤال عنه بدعة - فبناء على هذا السبيل نقل عن السلف القول باستوائه تعالى على العرش مع قولهم بالتنزيه الصرف قال أبو حنيفة ان الله فى السماء دون الأرض رواه البيهقي - وروى عنه من قال لا اعرف
_________
(١) فى الأصل ان الله -


الصفحة التالية
Icon