ج ٥، ص : ١٨
عليه السلام دون تكذيب اللّه سبحانه لكن الشر والتكذيب يعود إلى اللّه فانها فى الحقيقة كلامه تعالى - وقال مقاتل بن حيان مكرهم انهم لا يقولون هذا رزقنا اللّه بل يقولون سقينا بنوء كذا وقيل مكرهم احتيالهم فى دفعها والطعن فيها قيل قحط أهل مكة فلما كشف اللّه عنهم ورحمهم اسرعوا إلى الكفر والاستهزاء بايات اللّه تعالى قبل ان يؤدوا شكر النعمة روى البخاري ان النبي صلى اللّه عليه وسلم لما راى من الناس إدبارا قال اللهم أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف فاخذتهم سنة حصب كل شيء حتى أكلوا الجلود والميّت والجيف فاتى أبو سفيان فقال يا محمد انك تأمر بطاعة اللّه وصلة الرحم وان قومك قد هلكوا فادع اللّه لهم ان يكشف عنهم فدعا - وفى رواية قالوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ فقيل له ان كشفت عنهم عادوا فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ربه فكشف اللّه عنهم فعادوا فانتقم اللّه منهم يوم بدر ولمّا كان كلمة إذا للمفاجاة دالة على سرعة مكرهم قال اللّه تعالى قُلِ يا محمد اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً منكم والمكر من اللّه تعالى اما الاستدراج كما يدل عليه قول على رضى اللّه عنه من وسع اللّه عليه دنياه ولم يعلم انه مكر به فهو مخدوع عن عقله قلت يعنى من وسع اللّه عليه الدنيا وهو غير شاكر - واما الجزاء على المكر وكونه تعالى اسرع مكرا من الناس انه دبر عقابهم أو استدراجهم قيل ان يدبروا كيدهم وقيل معناه ان عذابه فى إهلاككم اسرع إليكم مما يأتى منكم فى دفع الحق فان ما أراد اللّه بكم ات لا محالة وهو قادر على ما يريد وأنتم لا تقدرون على دفع الحق إِنَّ رُسُلَنا أى حفظتنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ (٢١) قرأ يعقوب يمكرون بالياء على الغيبة موافقا لما سبق والباقون بالتاء الفوقية على الخطاب تحقيق للانتقام وتنبيه على ان ما دبروا فى اخفائه لم يخف عن الحفظة فضلا من ان يخفى على خالق الأشياء كلها من
الاعراض والجواهر -.
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ أى يحملكم على السير ويمكنكم منه كذا قرأ الجمهور وقرا ابن عامر وأبو جعفر ينشركم بالنون والشين من النشر فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ أى السفن الفلك لفظ مشترك بين الواحد والجمع والمراد هاهنا الجمع بدليل قوله تعالى وَجَرَيْنَ بِهِمْ أى بمن فيها عدل عن الخطاب إلى الغيبة للمبالغة


الصفحة التالية
Icon