ج ٥، ص : ٣٦
ورحمته السنن - وقيل فضل اللّه الايمان ورحمته الجنة - والباء على هذه الأقوال متعلقة بفعل يفسره ما بعده تقديره بفضل اللّه وبرحمته فليعتنوا أو ليفرحوا - وفائدة ذلك التكرير التأكيد والبيان بعد الإجمال - وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح - قرأ يعقوب باختلاف عنه فلتفرحوا بالتاء الفوقانية على الأصل المرفوض لصيغة الخطاب فى الأمر - أخرج أبو داود عن أبيّ بن كعب ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فلتفرحوا بالتاء الفوقانية هُوَ الضمير راجع إلى ذلك - أى مجيء القرآن أو فضل اللّه ورحمته خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨) من حطام الدنيا قرأ أبو جعفر وابن عامر ويعقوب بالتاء الفوقانية على الخطاب والباقون بالياء على الغيبة -.
قُلْ يا محمّد لكفار مكة أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ أى خلق لكم عبر عن الخلق بالانزال لما نيط خلقها بسبب منزل من السماء يعنى المطر - أو لأنه لما قدّر وكتب اولا فى اللوح المحفوظ ثم خلق على وفقه فكانّه انزل من اللوح - وما منصوب بانزل أو ا رايتم فانه بمعنى أخبروني مِنْ رِزْقٍ بيان لما يعنى من زرع أو ضرع - وكلمة لكم دلت على ان المراد منه ما حلّ ولذلك وبّخ على تشقيصه فقال فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ أى بعضه حَراماً وَبعضه حَلالًا... قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ... وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا - وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ فى هذا التحليل والتحريم فتقولون ذلك بحكمه أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) فى نسبة ذلك الأمور - والجملة متعلق بارايتم وقل تكرير للتؤكيد - وجاز ان يكون الاستفهام للانكار وأم منقطعة ومعنى الهمزة فيها تقرير افترائهم على اللّه - والمعنى ان اللّه لم يأذن لكم بل على اللّه تفترون حيث تقولون وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها....
وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ اىّ شيء ظنهم يَوْمَ الْقِيامَةِ منصوب بالظن - يعنى ا يحسبون انهم لا يجازون عليه - لا بل كائن لا محالة وفى إبهام الوعيد تهديد عظيم إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ حيث أنعم عليهم بالعقل - وهداهم بانزال الكتب وإرسال الرسل وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠) هذه النعمة - ولو شكروها