ج ٥، ص : ٣٧
اتبعوا العقل والنقل ولم يفتروا على اللّه - وجاز ان يكون معنى الآية ان اللّه لذو فضل على الناس حيث لم يستعجل بعقوبتهم فى الدنيا -.
وَما تَكُونُ يا محمّد فِي شَأْنٍ أى امر وحال قال بعض المحققين لا يقال الشأن الا فيما يعظم من الأحوال والأمور قال البيضاوي أصله من شأنت شأنه أى قصدت قصده وَما تَتْلُوا مِنْهُ أى من الشأن لأن تلاوة القرآن كان معظم شأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم - ولان القراءة يكون لشأن عظيم فيكون التقدير من اجله أو من القرآن وإضماره قبل الذكر - ثم قوله مِنْ قُرْآنٍ بيانا له تفخيم له أو المعنى ما تتلوا من اللّه - ومن فى من قرءان تبعيضية - أو مزيدة لتأكيد النفي وَلا تَعْمَلُونَ أيها الناس مِنْ عَمَلٍ تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم - ولذلك ذكر من اعماله اولا ما فيه فخامة ثم عمم ما يتناول الجليل والحقير إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً أى رقباء مطلعين عليه إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ أى تدخلون وتندفعون فيه أى فى العمل وقيل معناه تكثرون فيه والافاضة الدفع بكثرة وَما يَعْزُبُ قرأ الكسائي بكسر الزاء والآخرون بضمها وهما لغتان معناه لا يغيب عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ مصدر ميمى بمعنى الثقل يعنى الوزن ومن زائدة ذَرَّةٍ أى نملة صغيرة أو هباء فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ أى فى الوجود والإمكان واقتصر على ذكر الأرض والسماء لأن أبصار العوام قاصرة عليهما وقدم الأرض لأن الكلام فى حال أهلها والمقصود بيان احاطة علمه تعالى بالأشياء كلها وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١) كلام برأسه مقرر لما قبله - ولا لنفى الجنس - وأصغر واكبر اسمها - وفى كتاب خبرها - قرأ حمزة ويعقوب برفع أصغر واكبر على الابتداء والخبر بابطال عمل لا لاجل التكرير والباقون بالنصب على اعمال لا - وقيل لا ولا زائدتان وأصغر واكبر معطوفان على مثقال ذرة - أو على ذرة والفتح بدل الكسر لامتناع الصرف - أو للحمل على مثقال ذرة مع الجار - والرفع للعطف على مثقال ذرة حملا على محله البعيد قبل دخول
من والاستثناء « ١ » حينئذ منقطع -
_________
(١) هذا التوجيه ضعيف لأن الاستثناء المنقطع والاستدراك بعد النفي اثبات فيكون المعنى ولكن يعزب فى كتاب مبين وهذا فاسد وسيجيء فى سورة سبا مثله ١٢ منه رحمه اللّه.