ج ٥، ص : ٥٥
بحيث لا مدخل للمرية فيه فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) بالتزلزل عما أنت عليه من الجزم واليقين.
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥) الخطاب فى هذا كالخطاب فى ما سبق اما للشاكين من الناس أو للرسول صلى اللّه عليه وسلم والمراد به غيره أو للرسول على سبيل الفرض - أو الفرض منه التثبيت وقطع الاطماع عنه كقوله فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ -.
إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ أى وجبت عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ يعنى قوله حين أخذ الميثاق ان هؤلاء للنار - روى مالك والترمذي وأبو داؤد عن مسلم بن يسار قال سئل عمر بن الخطاب عن هذه الآية وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ الآية قال عمر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسئل عنها فقال ان اللّه خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون الحديث - وروى أحمد عن أبى نصرة عن رجل من اصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يقال له أبو عبد اللّه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ان اللّه عز وجل قبض بيمينه قبضة واخرى باليد الاخرى وقال هذه لهذه يعنى للجنة وهذه لهذه يعنى للنار ولا أبالي. لا يُؤْمِنُونَ (٩٧) إذ لا نقض لقضاء اللّه تعالى.
وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ دالة على الصدق موجبة للايمان فان السبب الأصلي لايمانهم انما هو تعلق ارادة اللّه تعالى به ولم يوجد - وجملة لو جاءتهم مع معطوفة عليها مقدرة فى محل الحال من فاعل لا يؤمنون - تقديره لا يؤمنون لو لم يجئهم ولو جاءتهم كل اية يعنى لا يؤمنون فى حال من الأحوال حذف ما حذف لدلالة المذكور عليه حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٩٧) فى القبر أو فى النار أو حالة الغرغرة وحينئذ لا ينفعهم الايمان كما لم ينفع ايمان فرعون حالة الغرغرة.
فَلَوْلا أى فهلا كانَتْ قَرْيَةٌ أى أهل قرية من القرى الّتي أهلكناها آمَنَتْ قبل معاينة العذاب ولم يؤخر إلى حالة الغرغرة كما اخر فرعون فَنَفَعَها إِيمانُها أى قبلها اللّه منها - عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان اللّه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر رواه الترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي - وعن أبى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان اللّه ليغفر لعبده ما لم يقع الحجاب قالوا يا رسول اللّه وما الحجاب قال ان تموت النفس وهى مشركة رواه أحمد والبيهقي فى كتاب البعث والنشور إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ استثناء منقطع يعنى لكن قوم يونس أمنوا فنفعهم ايمانهم وجاز ان تكون الجملة فى معنى النفي لتضمن حرف التحضيض معناه