ج ٥، ص : ٥٨
حتّى قصد السفينة فلما راه أهل السفينة مثل الجبل العظيم وقد فغرفاه ينظر إلى من فى السفينة كانّه يطلب شيئا خافوا فلما راه يونس عليه السلام زخ نفسه فى الماء - وعن ابن عباس رضى اللّه عنه انه خرج مغاضبا لقومه - فاتى بحر الروم فإذا سفينة مشحونة فركبها - فلما لججت السفينة تكافت حتّى كادوا ان يغرقوا - فقال الملاحون هاهنا رجل عاص أو عبد ابق وهذا رسم السفينة إذا كان فيها ابق لا تجرى - ومن رسمنا ان نقترع فى مثل هذا فمن وقعت عليه القرعة ألقيناه فى البحر - ولان يغرق واحد خير من ان تغرق السفينة بما فيها - فاقترعوا ثلاث مرات فوقعت القرعة فى كلها على يونس - فقام يونس فقال انا الرجل العاصي والعبد الآبق فالقى نفسه فى الماء - فابتلعه حوت ثم جاء حوت اخر اكبر منه وابتلع هذا الحوت - واوحى اللّه إلى الحوت لا تؤذى منه شعرة فانى جعلت بطنك سبحنه ولم نجعله طعاما لك - وروى عن ابن عباس قال نودى الحوت انا لم نجعل يونس لك قوتا وانما جعلنا بطنك له حرزا ومسجدا - وروى انه قام قبل القرعة قال انا العبد العاصي الآبق - قالوا من أنت - قال يونس بن متّى - فعرفوا فقالوا لا نلقينك يا رسول اللّه ولكن نساهم - فخرجت القرعة عليه فالقى نفسه فى الماء - قال ابن مسعود ابتلعه الحوت فاهوى به إلى قرار الأرض السابعة وكان فى بطنه أربعين ليلة - فسمع تسبيح الحصى فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - فاجاب اللّه له فامر الحوت فنبذه على ساحل البحر كالفرخ الممعط - فانبت اللّه عليه شجرة من يقطين وهو الدباء فجعل يستظل تحتها ووكّل اللّه به وعلة يشرب من لبنها - فيبست الشجرة فبكى عليها - فاوحى اللّه تعالى إليه تبكى على شجرة يبست ولا تبكى على مائة الف أو يزيدون وأردت ان اهلكهم - فخرج يونس فإذا هو بغلام يرعى فقال من أنت يا غلام - قال من قوم يونس - قال إذا رجعت إليهم فاخبرهم انى لقيت
يونس - فقال الغلام قد تعلم انه ان لم يكن بينة قتلت قال يونس تشهد لك هذه البقعة وهذه الشجرة - فقال له الغلام فمرهما - قال يونس إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا « ١ » له قالتا نعم - فرجع الغلام فقال للملك انى لقيت يونس فامر الملك بقتله - فقال ان لى بينة فارسلوا معى فاتى البقعة والشجرة فقال أنشدكما بالله هل اشهد كما يونس قالتا نعم فرجع القوم مذعورين وقالوا للملك شهد له الشجرة
_________
(١) فى الأصل فاشهدوا -


الصفحة التالية
Icon