ج ٥، ص : ٦٧
عطف على ان لا تعبدوا يعنى استغفروا رَبَّكُمْ على ما سلف منكم من المعاصي ثُمَّ تُوبُوا ثم ارجعوا بالطاعة إِلَيْهِ وقال الفراء ثم هاهنا بمعنى الواو والاستغفار هو التوبة يعنى يلزم أحدهما الاخر يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أى يعيشكم عيشا حسنا فى أمن وسعة فان المعاصي جالبة للمصائب والبليات قال اللّه تعالى ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ وقيل العيش الحسن الرضاء بالمقسوم والصبر على المقدور إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أى حين موت كل واحد منكم فانها مدة معلومة عند اللّه تعالى بحيث لا يتغير وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فى دينه وعمله فَضْلَهُ أى جزاء فضله فى الدنيا بكثرة التوفيق وطمانية القلب والالتذاذ والراحة بذكر اللّه والبشرى وفى الاخرة بكثرة الثواب ومدارج القرب وَإِنْ تَوَلَّوْا حذفت احدى التاءين أى تتولوا وتعرضوا عن عبادة اللّه والتوحيد فَإِنِّي قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) يعنى يوم القيامة فان مقداره خمسين الف سنة بل ما لا نهاية لها
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ أى رجوع أموركم كلها فى الدنيا والاخرة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ من الاثابة والتعذيب فى الدارين قَدِيرٌ (٤) فهو تقرير لما مر من الآيات -
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أى من اللّه تعالى روى البخاري عن ابن عباس قال كان ناس يعنى من المسلمين يستحيون ان يتخلوا فيفضوا بفروجهم إلى السماء وان يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم - وكذا أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبو الشيخ وابن مردوية من طريق محمّد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس - وأخرج ابن أبى شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبى مليكة قال سمعت ابن عباس يقرا أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط الا وقد تغشوا ثيابهم كراهة ان يفضوا بفروجهم إلى السماء - وقال البغوي قال عبد اللّه بن شداد نزلت هذه الآية فى بعض المنافقين كان إذا مرّ برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كيلا يراه النبي صلى اللّه عليه وسلم - وكذا أخرج ابن جرير وغيره عن عبد اللّه ابن شداد بن الهاد - وفى لفظ المنافقين نظر فان الآية مكية والنفاق حدث بالمدينة وضمير منه