ج ٥، ص : ٦٨
على هذا راجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم - وقال البغوي قال ابن عباس نزلت فى الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر يلقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما يحب وينطوى بقلبه على ما يكره ومعنى قوله يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يغطون صدورهم على الكفر والشحناء وعداوة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - وقال قتادة كانوا يحنون صدورهم لكى لا يسمعوا كتاب اللّه ولا ذكره - وقال السدى معنى يثنون يعرضون بقلوبهم من قولهم ثنّيت عنانى - وقرا ابن عباس فيما روى عنه البخاري تثنونى صدورهم بالتاء والياء بالإسناد إلى الصدور من اثنونى يثنونى - وهو بناء للمبالغة - وقيل كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخى ستره ويحنى ظهره ويتغشى بثوبه وهو يقول هل يعلم اللّه ما فى قلبى فنزلت هذه الآية أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ أى يغطون رءوسهم بثيابهم يَعْلَمُ اللّه ما يُسِرُّونَ فى قلوبهم وفيما عداها وَما يُعْلِنُونَ بأفواههم إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) أى باسرار ذات الصدور أو بالقلوب وأحوالها وإذا لم يخف شيء من اللّه تعالى فسيظهر ما يشاء على رسوله وعلى المؤمنين -
وَما مِنْ دَابَّةٍ وهى كل حيوان يدب على الأرض فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها لتكفله إياها تفضلا ورحمة - وانما اتى بلفظ الوجوب تحقيقا لوصوله وحملا على التوكل فيه - ومن هاهنا قيل انّ على بمعنى من والاضافة فى رزقها للعهد يعنى ان الرزق المعهود المعلوم عند اللّه تعالى للعبد فالله تعالى متكفله إياه يأتى منه دون من غيره - قال مجاهد هو ما جاء من رزق فمن اللّه وربما لم يرزقها حتّى يموت جوعا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها قال البغوي قال ابن مقسم وروى ذلك عن ابن عباس مستقرها المكان الّذي تأوى إليه وتستقر فيه ليلا ونهارا - ومستودعها الموضع الّذي تدفن فيه إذا مات - وقال ابن مسعود المستقر أرحام الأمهات والمستودع أصلاب الآباء - ورواه سعيد بن جبير وعلى بن طلحة وعكرمة عن ابن عباس - وقيل المستقر الجنة أو النار والمستودع القبر لقوله تعالى فى صفة الجنة والنار حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا - وساءَتْ مُسْتَقَرًّا كُلٌّ أى كل واحد من الدواب وأحوالها وأرزاقها فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) أى مثبت فى اللوح المحفوظ أو فى كتب الحفظة - عن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب اللّه مقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات والأرض